نُشر مؤخراً في بعض صحفنا المحلية خبر يفيد بأن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تلقت (926) قضية تخص الأحوال المدنية خلال 2019 يتصدرها (مجهولو الهوية) حيث كانت المطالبة بأوراق ثبوتية هي الطلب الأبرز بينها..
وحقيقة فقد رفع هذا الخبر الستار عن مشكلة مؤرقة لتلك الفئة التي تعانى الأمرين والتي ولدت مجهولة الهوية ليس بقرار منها ولكن بنزوات طائشة ممن شطحوا بعيداً عن قيم الإسلام فترتب عليها مشكلات اجتماعية جمة!.
بل ان هذا الخبر قد نكأ جراح معاناة من يحتضنون هذه الفئة وهم الدور الإيوائية وحيث إنني عضو في مجلس إدارة جمعية خيرية ولدينا تجربة مريرة في تسجيل هؤلاء في أي برنامج تدريبي وحتي في الجهات الرسمية في (أبشر) و(توكلنا) أثناء الجائحة و(اعتمرنا).. وبعضهن حتى لا يستطعن العمل لعدم منحهن الهوية الوطنية التي هي الأساس في التسجيل لأي نشاط تعليمي أو عملي وقد وصل بعضهن إلى سن (35) سنة وبدون شهادة أو وظيفة تسد حاجتها!!.
لكن من المسؤول عن هذا التأخير في منحهن الهوية الوطنية..؟!. فعند مراجعة الأحوال المدنية تطلب مراجعة الإمارة، وبمراجعة الإمارة تعاد إلى الأحوال المدنية.. وهكذا ندور في حلقة مفرغة، وأخيراً تمت إفادتنا وبعد الإجراءات الطويلة في عدد من الدوائر أنه سيتم منحهن رخصة إقامة. فإن عجزن عن التعليم والتوظيف فكيف سيدفعن رسوم الإقامة؟!.
ليست هذه هي المعاناة الوحيدة مع هذه الفئة فهناك مشكلات أخرى جسيمة مما حدا ببعض الجمعيات الخيرية إلى فك الارتباط مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وتسليمهم؛ فالتكاليف باهظة وتقدم الوزارة جزءاً منها كمصروف يد وآخر ادخاري لمجهول النسب شاباً أو فتاة. وأما ما تقدمه للجمعية فلا يغطي ثلث النفقات المطلوبة والتي للأسف تناقصت مواردها المالية -وخاصة خلال فترة الجائحة- لضعف التمويل من الداعمين، فإذا أضفنا إلى ذلك ما تحتاجه هذه الفئة من إيواء شامل للمأكل والمشرب والرحلات ودروس تقوية، ومصروفات تشغيلية كبيرة وحاضنات، وأخصائيات اجتماعيات ونفسيات، وطاهيات، وحراسات أمنية، بالإضافة إلى الصيانة والنظافة.. ناهيك عن فواتير الماء والكهرباء الباهظة والتي يفترض أن تُلزم الشركات بتقديمها مجاناً من باب المسؤولية الاجتماعية.
علماً بأن بعض الفتيات قد تم تزويجهن وطي قيدهن، ولكن للأسف حدثت حالات طلاق فعُدن للدار بلا مصروف! . وقد طالبنا عدة مرات ومن سنوات بعمل اتفاقية تشغيل مع الوزارة لتغطية المصروفات التشغيلية للدار ولكن بدون جدوى..!!
وهناك مشكلة أخرى في الأنظمة وهي أن التسجيل في أي نشاط تجارى لابد وأن يكون باسم الشخص وهويته الوطنية فكيف يكون لجمعية خيرية هوية وطنية؟! وفى حالة كتابتها باسم مدير عام الجمعية مثلاً -وهذه لها مخاطر - ليس فقط في حالة الوفاة -لا قدر الله - أو الوراثة ولكن لا يقبل التسجيل لأي نشاط آخر بنفس العنوان كالنفاذ الوطني وأبشر وكل الأعمال ترفض التسجيل للاستثمار بنفس عنوان المستخدم ويطلب عنوان آخر لاستخراج السجل التجاري بهوية منفصلة وعنوان وطني آخر وهذا أيضاً نفس متطلبات الدفاع المدني؛ فعقود الصيانة لأى برنامج ونشاط في الجمعية لابد وأن يكون منفصلاً عن الآخر مع أنها جمعية بمقر واحد وأنشطة متعددة!
لابد من إعادة النظر في الاجراءات الحكومية والأنظمة التي تخص الجمعيات الخيرية حيث إن القطاع الثالث لم يعمل له أي حساب في المنصات الإلكترونية مثل: بلدي ، إيجار ، وزارة التجارة، إدارة الاستثمار ، المؤسسة العامة للتدريب التقني و المهني ولابد من تعديل لهذه الإجراءات حتى نحل المشكلات القائمة وتستطيع الجمعيات الخيرية فعلاً القيام بالتنمية المستدامة والاكتفاء الذاتي وبما يحقق رؤية 2030 وليس الطلب منها ذلك ثم تقييدها بإجراءات طويلة!.