· من المعلوم في مجال القيادة الإدارية أن ثمة استراتيجيتين رئيسيتين للإدارة هما: الإدارة بالأهداف؛ والإدارة بالنتائج، لكن المتابع لحال بعض المؤسسات والمنظمات الإدارية العربية التي تدار بـ(الفهلوة) يجد أن هناك نوعاً ثالثاً تدار به الكثير من هذه المنظمات منذ زمن، هي استراتيجية ما يمكن تسميته (الإدارة بالخداع) أو (الادارة بالأكاذيب)!. وفرسان هذا النوع العجائبي من الإدارة التي لا تحتاج لأكثر من وجه (مغسول بمرق) ولسان قادر على إنتاج الأكاذيب هم مسؤولون (باراشوتيون) وجدوا أنفسهم في أماكن لا يستحقونها، ولا تتناسب مع قدراتهم العلمية ولا الشخصية ولا حتى الإدارية، وبدلاً من تطوير أنفسهم وترقية ذواتهم امتهنوا الكذب قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، وراحوا يكذبون ويتحرون الكذب حتى كتبوا عند أقوامهم كذابين أشرين!.
· تقوم فلسفة الإدارة بالأكاذيب على مبدأ وحيد هو (اكذب ،اكذب، اكذب حتى يصدقك موظفوك والناس أجمعون) وهو مبدأ اعلامي نازي معروف؛ تمت استعارته في الإدارة لفك حرج المدير الكذوب الذي يخفي -كما قلنا- شخصية ضعيفة عاجزة، ولأنها لا تملك المعرفة ولا شجاعة المواجهة ولا حتى القدرة على اتخاذ القرار، تلجأ للمراوغة ونسج الأكاذيب للتخلص من المآزق شبه اليومية والمطبات الكثيرة التي تتعرض لها. المضحك هنا هو اعتقاد تلك الشخصيات أنها أذكى من الآخرين، رغم أن أكاذيبهم مكشوفة، ولا يحتاج الأمر لجهد كبير في كشفهم، فالمدير الكذوب في الغالب شخص سطحي متردد، تستطيع كشف خواءه من خلال حوار بسيط، يلجأ للاختباء خلف الآراء غير الحاسمة، يحب الفلاشات والتصوير رغم أنه يكره الاعلام الحقيقي لأنه يخشى النقد، وترتعد فرائصه من أصحاب الأقلام، ويتمنى لو يكمم أفواههم، فلا شيء يرعبه أكثر من الحقيقة !.
· من أهم الصفات الأساسية الواجب توافرها في القيادي الناجح الثقة والشفافية والصدق؛ فهي من مقومات التواصل الناجح مع فريق العمل، وهذا ما يفتقده المدير المخادع، فالكذب يعني الغش والخداع والتضليل والتزوير والنفاق مجتمعين، وجميعها سلوكيات مرادفة للكذب ومدمرة لأبسط متطلبات العمل المؤسسي الناجح، ولا يمكن لأي منظمة تحقيق النجاح في كنف مدير مخادع متسلق لا يأمن موظفوه بوائقه، مدير لا يرى في من يعمل معه (فريق العمل) أكثر من قطيع من الكومبارس الأغبياء الذين يستطيع خداعهم طوال الوقت، لهذا يشعر بالغيرة العمياء في حال أنجز أي أحد منهم انجازاً، فالإنجازات حكر له وحده، والأمجاد يجب أن لا تنسب لغيره، فهو المحور الذي يجب أن يلتف حوله الكل، راسماً في خياله المريض أسطورة القائد الفذ وجيشه العامل تحت شعار «الموت لمن لم أحب»!.
· المدير الكذوب فاسد وفاشل بالضرورة، وهذه العينات رغم أنها ولله الحمد في تناقص مستمر إلا أن وجودها قد يفسر لك: لماذا تتفاوت بعض فروع المؤسسات في نجاحاتها وإنتاجيتها رغم تساويها في الإمكانات والقدرات؟!.