الصحافة الحديثة التي تدعي الحياد في ما تنشر عن الدول من داخلها ومن خارجها، لها تأثير مبالغ جداً في سياستها وتوجيهها كما تشاء، بل لقد تُسقط هذه الصحافة حكومة عادلة ليرتقي الحكم فيها من لا يعرف العدل، ولا أظن هذا إلا ظاهراً لكل عاقل، وما يجري في الولايات المتحدة اليوم مثال لما تحدثه من تغيير حميد حيناً، وفي كثير من الأحيان غير حميد، وما يجري في شوارع أهم عاصمة عالمية عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية يدل على ذلك بصورة واضحة، فما جرى عبر هذه الشهور الأربعة أكثره من تأثير الصحافة التي تقود الجماهير لما تريد، وتوجه الجموع نحو ما تهوى ويستغلها السياسيون العاملون في الميدان لتحقيق ما يريدون من غايات.
ويظل هذا التأثير في أغلب الأحيان غير حميد وخطراً على أحوال الأمة يغير من ملامحها نحو ما يريد، وكم من حكومة عادلة أسقطتها صحافة مؤثرة تريد تغيير نظم الدولة إلى الأسوأ، بل وأصبح في عالمنا صحافة عابرة التأثير عالمياً، فالصحافة الغربية المدعية الديمقراطية كما تؤثر في دول كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية، تستطيع التأثير في الدول الصغرى خاصة بين من يستطيعون قراءتها بلغتها الأصلية، وانظر الى عرض وطول البلاد المتأثرة بالغرب لترى أن الجمهور فيها متأثر بتلك الصحافة الغربية.
فالصحافة خطورتها بالغة على الأمم في العصر الحديث يؤثر بعضها ببعض وتؤثر في جماهير الدول التي تكتب فيها تلك الصحف، وتلك التي تترجم اليها المقالات المكتوبة فيها، وهي تكتب خاصة الصحافة الغربية عن أحوال العالم أجمع وتؤثر في أحواله، وما لم تفرض عليها رقابة شديدة فإنها ستصبح أداة تغيير بل قل هدم دولية.