تأسست الأندية الأدبية - الثقافية في المملكة منذ أكثر من 45 عاماً ووضعت لها لوائح تنظيمية وأهداف والتي كان من أبرزها خلق بيئة أدبية تفاعلية منتجة، ونشر الأدب باللغة العربية الفصحى، وتوثيق أواصر الصلات بين الأدباء و المثقفين، ودعم المواهب الأدبية الشابة و تعزيز إبداعاتها مما يساهم في تطوير الاتجاهات والمبادئ والقيم المجتمعية، ودعم الحركة الأدبية والثقافية في بلادنا. وقد حققت معظم الأندية الأدبية إنجازات جمة خاصة بعد إفساح المجال للمرأة لتكون عضواً في مجالس إداراتها وفي لجانها الأدبية والثقافية، ولكن للأسف حالياً يعيش بعضها حالة من الركود فرضها عدم وضوح مرجعيتها وقلة الدعم المادي والمعنوي والبيروقراطية التي تتبعها.
وبالرغم من ظهور وزارة الثقافة وتعيين إحدى عشرة هيئة منها: اللغة والتراث، والكتب والنشر، والفنون الأدائية، والشعر إلا أن الأندية الادبية ظلت بعيدة عند بؤرة اهتمام هذه الهيئات ربما لأنها كانت تابعة أصلاً لوزارة الإعلام والتي لا يحق لها حل هذه الأندية لأنها كيانات اعتبارية..
وفي معرض حديثها تحت قبة الشورى عن (المؤسسات الثقافية) أشارت عضو مجلس الشورى الدكتورة حنان الأحمدي إلى ضرورة «دعم المناشط والمبادرات الثقافية القائمة ووضع الأطر التنظيمية لها وتوجيهها ورعايتها.. وتساءلت: «لماذا تبدأ الوزارة من الصفر !؟، فهذه المؤسسات الثقافية هي القلب النابض للحراك الثقافي في أي مجتمع، وهي الذاكرة الوطنية للثقافة ولا يمكن حلها أو إلغاؤها ببساطة وتأسيس كيانات جديدة بلا روح وبلا تاريخ أو جذور أو هوية ينتمي لها المثقفون». وحقيقة قولها يمثل صوت المثقفين فمن واقع الأندية ومنها نادي مكة الثقافي الأدبي أنها مازالت تؤدي رسالتها الأدبية والثقافية على أكمل وجه؛ فهناك الإصدارات والنشر للمؤلفات والتي تهتم باللغة، والشعر، والرواية بل تهتم بكل بما يخص مكة المكرمة تاريخاً، وتراثاً، وحضارة بالإضافة إلى التأليف المسرحي، وطباعة البحوث للمؤتمرات التي أقيمت ومنها بحوث (خطابنا الثقافي: قراءة الحاضر واستشراف المستقبل) ومجلة مكة الثقافية، وما تطرحه من موضوعات أدبية ونقدية تتواصل فيها مع كافة الأنماط الابداعية، بالإضافة إلى تقديم الدورات في الكتابة الإبداعية وفن الخط العربي، والندوات، والمحاضرات والمعارض، وجائزة نادي مكة الثقافي.
وقد ظن الكثيرون أنه وبالجائحة قد توقفت أعمال الأندية الأدبية خاصة بعد توقف معظم أعضاء مجالس الإدارات عن العمل لعدم التجديد لهم، إلا أن الواقع يؤكد على أن هناك أنشطة وفعاليات مواكبة لرؤية 2030م بإيجاد مجتمع حيوي من خلال برامجها وأنشطتها عبر تطبيقات زووم وغيره. كما أن اتباع سياسة (الجماعات) قد يسّر لرئيس النادي أ.د. حامد الربيعي إدارة الفعاليات وهي تجربة فريدة لابد من الأخذ بها لدعم الحراك الثقافي الأدبي؛ فهناك جماعة الشعر، وفضاءات السرد، ورواق بكة النسائي، ورؤية، وجوهر، ومنتدي (تكوين) الأدبي، واللجنة الثقافية بمحافظة الكامل.. وكل من تلك الجماعات لها إسهاماتها الأدبية والثقافية ومنها ما تم مؤخراً في النادي دورة (الأمن السيبراني) لتحقيق أهداف برنامج ملتقى مكة الثقافي (كيف نكون قدوة بالعالم الرقمي؟). بل الأجمل في تلك الفعاليات أنها لم تعد نخبوية ودخول شريحة كبيرة من الشباب والشابات وتفاعلهم الثقافي والأدبي.
كما مازال الأمل يحدو الأدباء والمثقفين بمكة بأن يكون لهم مركز ثقافي، فمشروع مبنى نادي مكة (الحلم) عظمٌ بلا لحم ولا دثار.. !! يقف شامخاً في أحد أهم احياء مكة ينتظر أن تمتد له يد البناء. فهل تحدد مرجعية الأندية الأدبية وإستراتيجية عملها لمواجهة التحديات خاصة بعد إعلان وزارة الثقافة بقيادة سمو الأمير بدر بن فرحان عن إيجاد شركاء في القطاع الخاص لتشمل تمويل وإدارة الفعاليات في الأندية الأدبية؟.