في مجتمعاتنا العربية أثناء الحوارات الثقافية بين أفرادها أو فئاتها أياً كانت حرفية أو صوتية يتضح أن المتحاورين ينقسمون إلى ثلاث فئات:
الفئة الأولى: هذه تتسم برزانتها وصدقها وشفافيتها وموضوعيتها في الحوار فحواراتها دوماً تنبثق من معلومات دقيقة واستدلالات ثابتة تستطيع من خلال حديثها إقناع المتلقي وإفادته بالمعلومات الثرية الصادقة التي تجعله يصغي تمام الإصغاء للمتحدث من تلك الفئة وهذه بلاشك يمكن تسميتها بفئة الصفوة الثقافية.
أما الفئة الثانية فهي التي تكثر من الإنصات والاستماع إلى المتحدث دون نقاش فهي تأخذ أكثر مما تعطي ولا يهمها من يتحدث وكيف يتحدث وبمَ يتحدث فهي قلما تفيد أو تستفيد من تلك الحوارات، وهذه الفئة يمكن تسميتها بالفئة الصامتة.
اما الفئة الثالثة فهي تلك الفئة التي تهرف بما لا تعرف ولا يهمها المعلومة وقيمتها وصدقها وموضوعيتها بل يهمها أن يعلو صوتها وهي التي تجيد الصراخ والسب والشتم والردح والتصنيف، فقط تسمع منها جعجعة ولا ترى طحيناً، حيث نجدها لا تنطق إلا فحشاً وبهتاناً وغيبة وبذاءة وهي للأسف الشديد الأكثر انتشاراً في مجتمعاتنا العربية. ولعل المؤلم أن أغلب أفراد هذه الفئة يغلب عليهم التزمت وهذه الفئة تعد الأكثر سوءاً والأقل نفعاً ويمكن تسميتها بفئة المدرعمين.
وانطلاقاً من هذا التقسيم الذي يبدو فيه أن أغلب أفراد مجتمعاتنا العربية هم من هذه الفئة المدرعمة لذا أقترح أن تكثف برامج تنمية ثقافة الحوار داخل مجتمعاتنا من خلال تخصيص مادة تدرس بكافة المراحل الدراسية ومن خلال برامج تقدمها وزارات الثقافة والإعلام وكافة المؤسسات الثقافية، فكم نحن بحاجة الى الارتقاء بثقافتنا الحوارية كي نحسن التأثير في الغير ونشيع الود والمحبة ونضمن عدم التنافر الاجتماعي، ونحسن سبل الإقناع ونجيد توضيح الحقائق بجلاء ونحسن الرد على هجوم الآخرين بأسلوب حضاري وموضوعي ونحسن توفير الوقت بدلاً من إضاعته في حوارات فارغة فثقافة الحوار حتماً تعد المسار الأوسع والأكثر تحضراً لحل قضايانا في مختلف مناحي الحياة. والله من وراء القصد.