لفت انتباهي لجوء الكثير إلى استعمال السُّبحة (أو المسْبَحة) في ممارسة الاستغفار والحمد والتكبير، وهو ما أمر الله عزّ وجلّ عباده المؤمنين ووجّه به رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام وعلى آله.
فأحياناً ترى شخصاً يحمل سبحة عدد حبّاتها 33، وأحياناً أقل أو أكثر.. بل هناك من يحمل سبحة مئويّة، وألفيّة أيضاً.. وليست هذه الطريقة الأفضل لذكر الله تعالى؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه وجّه المؤمنين بالتسبيح بالأصابع، فقال: " اعقِدْن بالأصابع فإنهن مسؤولات، مُستَنْطَقات".
وهذا أمر نبويّ للرجال والنساء، فاتباع هدْيِه؛ أفضل وأبرك من اتباع المزاج.
والحقيقة، لم يرد في الشرع منعٌ لاستعمال السبحة للذِكْر والتسبيح، ولكن ابتعاداً عن شبهة الرياء وانصراف المسبِّح في الغالب إلى خارج بركة التسبيح؛ لأن العملية صارتْ آليّة بحكم العادة، فتجده يتكلم معك وأصابعه تعبث بحبات السُبحة بعيداً عن الحضور والخشوع المطلوب.. كما أن أشكال السُّبح أصبحت ترفاً ومباهاة بين بعض الناس، بحيث وصلت أسعارها إلى مستوى يتعارض مع إنابة المسبِّح إلى ربه عزّ وجلّ.. وهذا يتنافى مع الغرض الأساسي لاقتناء السُبْحة.
الآن، دعْك من هذا كله، أنا سؤالي هو: هل من اللائق أن تَعُدّ على الله تعالى عدد تسبيحك؟ إن نِعم الله سبحانه وتعالى عليك أيها الإنسان لا تُعدّ ولا تُحصَى؛ فكيف تُحصي عليه تسبيحك وتكبيرك وحمدك وشكرك؟!
يا أخي: سبِّحْ معظم وقتك ببنان يدك اليمنى، كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه دون أن تحصي عليه ذلك.. المطلوب من التسبيح أن يكون لسانك دائماً رطْباً بذكر الله.. ومما رأيته أن الشخص المعتاد على استخدام المسْبحة للتسبيح، يتوقف إذا ضاعت سبحته، أو انفرط عقدها، وهذا من مساوئ العادة.. ولكن أنّى له أن يفقد أصابع يده (اليُمنى) لتوظيفها للتسبيح تلقائياً، وهي ستشهد له يوم الحساب!!؟
اللهم ثبّتنا على طاعتك وحسْن عبادتك.