النظر في الثنائيات يستلزم تشابه الأضداد في الكلمة والتي تقابلها من حيث تشكيل اللفظ واختلاف المعنى في أي سطر معرفة يُقْرأ ويُسْتقرأ خصوصًا إذا جاءت هذه الثنائيات المتضادة في نصٍ أدبي.. إذًا نحن أمام ثنائيتين ومتضادتين اختلاف المعنى والمبنى.
تتبع تلك الثنائيات ينقلنا إلى تعريف دقيق فالعبرة ليست فيهما تضاد بل في السياق فهمًا ومعرفة ومراد كاتبها وغاية ما يصل إليه معنى وتوظيفًا..
على سبيل المثال قرآنا: قال الله تعالى في سورة الحجرات آية 13 (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير).
فذكرت الثنائيتان المتضادتان في «ذكر وأنثى» وتعني الشمولية والتفريق لكنها فهمت بالشكل العام من خلال التوجيه الإلهي بالشعبوية والقبلية، ميزان التقوى..
أما شِعْرًا:
ضدان لما استجمعا حسنا
والضد يظهر حسنه الضد
وقال أبو الطيب المتنبي في شطر بيت له: «وبضدها تتبين الأشياء».
فقد اختصر هذا الشاعر نتيجة الضد وتوأمه غير الشبيه له الضد الآخر فالبيّنة والصيرورة وفهمًا سياقًا وتوظيفًا.
تقول رانية الرفاعي في كتابها الدلالات الثنائية في شعر طاهر زمخشري «فقد يجمع الشاعر بين ثنائيتين ضديتين يمكن أن نستشف من خلالها علاقة بينهما توضح مدى انسجامهما وتبرز جمالهما» فالعلاقة بين الشيء وضده تبرز جمال المعنى في المبنى تركيبًا ولغة وأسلوبًا.
أما دور الثنائيات المتضادة في النص المسرحي:
في كتاب مسرح الطليعة المسرح التجريبي في فرنسا لمؤلفه ليوناردو كابل برونكو ترجمة يوسف إسكندر يقول حين يتحدث الكاتب صامويل بيكيت في مسرحية «في انتظار جودو» على لسان (استراجون) أحد بطليها المتشردين «لا شيء يحدث، لا أحد يأتي، لا أحد ينصرف، هذا شيء مروع» هنا تبرز الثنائيتان المتضادتين بين يأتي - ينصرف وشيء - مروع فالشيئية بعض من كل بدل الخاص من العام والترويع هو ضدها فقدان الأمل وانتظاره وهنا المفارقة الحقيقة.