.. قرأت في أحد المواقع (منقولاً) لصديق، عن القصة الخبرية التي نشرتها نيويورك تايمز تحت عنوان «الأراضي المتصدعة.. كيف انفصل العالم العربي ؟»، للكاتب سكوت أندرسون، جسَّد فيها بأسلوب سردي الوضع المأسوي للعالم العربي خلال 13 عاماً وتحديداً بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وما خلفه هذا الغزو -أو الاحتلال بمعنى أدق- من كوارث حلت بالعالم العربي وليس بالعراق وحده، ومازالت تداعياتها الى اليوم على نحو ما نشهده في منطقتنا العربية من حروب وصراعات وقتل ودمار وتشرُّد ولجوء..!!.
*****
.. هذا التقرير أعادني إلى الحالة العربية فيما يقرب من 500 سنة تقريباً، أي من مجيء العثمانيين إلى البلاد العربية بعد سقوط المماليك في معركتي (مرج دابق) عام 1516م و (الريدانية) عام 1517م والى اليوم، وما مرَّ بالعرب خلال هذه الفترة من حقب تاريخية مختلفة شهدت العديد من الأحداث والمتغيرات، كانت سبباً رئيسياً لما نحن فيه اليوم.
ولن نستطيع الاستقصاء بحكم ضيق المساحة وإنما هي مجرد
عناوين مختصرة لتلك الحقب التاريخية..!!.
*****
.. ارتكب العثمانيون الكثير من الجرائم، وكما يقول صاحب كتاب
(بدائع الزهور في وقائع الدهور): من أفعالهم «قتل الشيوخ والأطفال وسبي النساء واسترقاق المسلمين والمجاهرة بشرب الخمرفي نهار رمضان».
وكتب التاريخ تحفل بالكثير من أخبار الدمار والمذابح والتنكيل والتهجير..!!
*****
.. أما على المستوى المدني والاقتصادي، فالعثمانيون أغرقوا العالم العربي في أتون التخلف والجهل والفقر، وتعرضت الهوية العربية الى الطمس من خلال التبعية المنغلقة والعزلة والطبقية ومعاملة العرب بفوقية حاقدة وأخذ أموالهم والتزود بها في حروبهم.
وهجَّروا المبرزين فكرياً ومهنياً إلى إسطنبول، ولم يكن للعثمانيين أي دور في الحركة التنموية، بل على العكس توقفت الحضارة العربية، وتأخرت مقارنةً بالتطور العالمي كما يقول المؤرخون.
ولذلك لما جاء الاستعمار وجد دولاً ومجتمعات مفككة متخلفة لا يوجد بها دولة مدنية ذات جيش نظامي يمكن أن تقاوم به الاستعمار..!!
*****
.. وقبل أن يلفظ «الرجل المريض» أنفاسه الأخيرة دخل العالم العربي في أزمة جديدة فيما يعرف بحقبة الاستعمار الأوروبي وذلك بدءاً باتفاقية «سايكس بيكو» عام 1916 حيث تقاسمت فرنسا وبريطانيا معظم الدول العربية.
أثناء المستعمر الأوربي حدث قمع واستغلال ثروات ومقاومة وثورات نتج عنها واحدة من أكبر الكوارث البشرية في العالم حيث قتل في الجزائر ما يقرب من المليون ونصف المليون عربي، ونتج عنها واحدة من أسوأ القضايا والصراعات في العالم وهي القضية الفلسطينية التي لازالت موجودة حتى اليوم بسبب الانتداب البريطاني.
*****
.. وما كاد العالم العربي يلتقط أنفاسه بعد ثورات الاستقلال والتحرير من الاستعمار وبدأت بعض ملامح الازدهار في بعض العواصم العربية، حتى دخل في نفق المؤامرات والمخططات الجديدة بدءاً من الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 الذي يمثل قاصمة ظهر لكل محاولة عربية، ثم مخطط الشرق الأوسط الكبير عام 2004 وثورات الربيع العربي. وكان الحصاد المر من صراعات طائفية وانقسامات وقتل ودمار وتشرذم وتشرد وهذا يعد أسوأ أزمة عربية
وأشدها عنفاً ودموية وخراباً..!!.
*****
.. والحقيقة إن التغييرات في العالم العربي تتسارع بشكل دراماتيكي، وأسوأ ما فيها تصدير الغرب مخططاته ومؤامراته لنا
على أنها حلول سحرية لأزماتنا المزمنة.
أما أسوأ الأسوأ على الدوام فهي أزمة العربي مع نفسه والتي أدت إلى أن يقاتل العربي العربي وأن يدمروا أوطانهم بأيديهم..!!