نجران تعزّز مفاهيم الصحة العامة

في إطار مساعيها المتواصلة للارتقاء بمفاهيم الصحة العامة، وبث الوعي بين المواطنين، وترقية الخدمات المقدمة للمواطنين، والتنبيه لطوارئ الصحة العامة، والتعريف بالجهود التي تبذلها الدولة على أعلى مستوياتها للتصدي لجائحة كورونا (كوفيد- 19) التي يعيشها العالم حالياً، أطلقت الشؤون الصحية بمنطقة نجران، أمس الاثنين «ملتقى نجران الصحي الثاني» الذي يستمر لمدة يومين، بمشاركة 32 متحدثاً من داخل وخارج المملكة، يقدمون محاضراتهم افتراضياً بسبب الظروف التي فرضتها أزمة كورونا.

هذا العدد الكبير من أبرز المتخصصين في مجال الصحة العامة سوف يقدمون خلاصة تجاربهم وعصارة خبراتهم للمهتمين والعاملين في الشأن الصحي وأبنائنا من طلاب الكليات الطبية، وهؤلاء سيكون التسجيل أمامهم متاحاً بالمجان في المنصة التفاعلية الخاصة بالملتقى، لحثهم على الاستفادة من هذه السانحة الطيبة، للاستماع إلى تلك المحاضرات من أي مكان في العالم، لمساعدتهم على تطوير معارفهم وصقل خبراتهم والاستفادة من النقاشات العلمية الرصينة التي سوف تدور حتما على هامش جلسات الملتقى، مما يضيف لهم تجربة نوعية لا شك أنها سوف تعينهم في مستقبلهم العلمي والعملي.

ليس هذا فحسب بل إن الشؤون الصحية رصدت، تشجيعاً منها للبحث العلمي الذي هو أساس النهضة، ثلاث جوائز قيمة لأفضل ثلاثة أبحاث تقدم خلال الملتقى، إسهاماً في نشر المحتوى العلمي والبحثي، وتشجيع التعاون بين المتخصصين والباحثين، وتبادل المعارف بين المشاركين، والاطلاع على ما أنتجته الدول المتطورة من توصيات لمحاصرة الأوبئة والفيروسات ومنع انتشارها، وإثراء المكتبة الطبية السعودية بالمزيد من الجهود العلمية المتميزة.

ومن المؤكد أن الفوائد التي سوف تتحقق من هذا الملتقى كثيرة ومتنوعة، في مقدمتها توفير فرصة الاحتكاك لكوادرنا الوطنية وطلابنا مع الكفاءات العلمية المتميزة على مستوى العالم، والتي سوف تشارك في الملتقى، إضافة إلى تسليط الضوء عالمياً على الجهود الضخمة التي بذلتها القيادة الرشيدة خلال تعاملها مع الجائحة ، والتي بسببها نالت بلادنا إشادات واسعة من مختلف دول العالم ومؤسساته الدولية، بسبب حرصها الشديد على مصلحة الإنسان وتقديمها على ما سواها، وامتداد جهودها الخيرة لمساعدة المتأثرين بالمرض في كافة أنحاء العالم من واقع رئاستها لقمة مجموعة العشرين.

وغني عن القول إن مثل هذه الملتقيات العلمية الدولية لها محاسن أخرى لا يمكن حصرها، منها استقطاب الكفاءات الطبية البارزة، وتطوير أنظمة العمل في مؤسساتنا الصحية، وتحديث المفاهيم الطبية التي تتجدد بصورة متسارعة، وكذلك فتح قنوات للتواصل مع كبريات الجامعات والمؤسسات الطبية على مستوى العالم، لاسيما في هذا العصر الذي باتت فيه الأبحاث الطبية أساس النهضة والازدهار، ومعياراً أساسياً لقياس مدى تطور الجامعات وتصنيفها.

ومن العدل والإنصاف الإشارة إلى الجهود المتواصلة التي ظلت تبذلها إدارة الشؤون الصحية في نجران للارتقاء بكل ما يضمن السلامة العامة، ويؤدي إلى تحقيق رؤية المملكة 2030 التي نادت صراحة في كثير من بنودها إلى الاهتمام بصحة الإنسان السعودي، باعتباره أساس النهضة والمستهدف الأول بكل الخطط التنموية، وأنه لا معنى لأي تطور اقتصادي إذا لم يكن ذلك الإنسان معافى في بدنه وسليماً في صحته، لأن العقل السليم في الجسم السليم. لذلك تركز المديرية على تنظيم فعاليات دورية للتوعية بأهمية الرياضة ودورها الكبير في مكافحة أمراض السمنة والسكري والأمراض المزمنة.

كل تلك الجهود تتم تحت إشراف مباشر من أمير المنطقة جلوي بن عبد العزيز، الذي يشجع على إقامة الأنشطة المرتبطة بالصحة العامة ويتابعها شخصياً، ويبدي اهتماماً كبيراً بالفعاليات التي تحذر من العادات الغذائية والسلوكيات الخاطئة وغرس الثقافة الصحية السليمة وسط أفراد المجتمع، ترجمة لتوجيهات القيادة الرشيدة بزيادة التواصل والتفاعل مع المواطنين.

خلال السنوات الماضية شهدت منطقة نجران نقلة نوعية في المجال الطبي، يلمسها المواطن والمقيم بسهولة، تمثلت في تدشين عدد من المشاريع الصحية في مختلف التخصصات الطبية، وتحديث وتطوير المؤسسات القائمة، واستقطاب كوادر طبية متميزة في تخصصات نادرة ودقيقة، مما تسبب في تقليل الحاجة إلى السفر خارج المنطقة بغرض العلاج، بل إن نجران باتت مطلباً وهدفاً للباحثين عن العلاج الناجع من مختلف مناطق المملكة، عطفا على تطور خدماتها الصحية.

ولا شك أن استمرار وتواصل مثل هذه الملتقيات العلمية المتطورة سوف يسلط المزيد من الضوء على منطقة نجران على الصعيدين المحلي والإقليمي، بما يسهم كذلك في تزايد عدد الزوار وازدهار السياحة، فالحركة الاقتصادية أصبحت شديدة الارتباط ببعضها البعض، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الفصل ما بين الأنشطة الصحية والاقتصادية، وسوف ينعكس كل ذلك على حياة المواطن الكريم تطوراً ونهضة ونماء.