بالرغم من قسوة جائحة كورونا والتي بدأت هذا العام على معظم دول العالم، وبالرغم مما سببته من أضرار وآثار سلبية على مختلف جوانب الحياة وفي مقدمتها الجانب الاقتصادي أقر مجلس الوزراء الموقر أول أمس الثلاثاء ميزانية العام المالي 1442/1443هـ (2021م) مؤكدًا من خلالها تعزيز مسيرة التنمية والرخاء في وطننا بالرغم من الركود الاقتصادي العالمي وانخفاض الطلب خاصة في أسواق النفط.
منذ بداية الجائحة وصحة المواطنين والمقيمين وسلامتهم هي الهاجس الأول للقيادة الرشيدة، فبادرت بفرض الإجراءات الاحترازية الاستثنائية والتدابيرالوقائية مبكرًا ووجهت بتقديم العلاج مجانًا لجميع من أصيب بالفايروس من مواطنين أو مقيمين أو حتى مخالفي لنظام الإقامة وذلك في جميع المنشآت الصحية العامة والخاصة إضافة إلى صرف 500 ألف ريال لذوي المتوفي بسبب جائحة كورونا من العاملين في القطاع الصحي الحكومي أو الخاص مدنيًا كان أو عسكريًا، سعوديًا أو غير سعودي، كما دعمت نفقات الخدمات الصحية لمواجهة الجائحة وإعادة توجيه الإنفاق على القطاعات الأكثر تأثرًا، وتم إعادة ترتيب أولويات الإنفاق واعتماد تدابير اقتصادية جديدة، وجاءت ميزانية 2021م امتدادًا لذلك الاهتمام بصحة المواطنين والمقيمين وأعطت الأولوية لمواصلة تلك الجهود للحد من آثار الجائحة وتحفيز نمو الاقتصاد وتطوير الخدمات ودعم القطاع الخاص والمحافظة على وظائف المواطنين فيه وتنفيذ البرامج والمشاريع الإسكانية والتنموية التي توفر المزيد من فرص العمل إضافة إلى تحقيق مستهدفات الرؤية مع التأكيد على رفع كفاءة الإنفاق الحكومي والاهتمام بالحماية الاجتماعية والحد من الهدر ومحاربة الفساد.
قوة المركز المالي للمملكة وحجم الاحتياطي والديون الحكومية المنخفضة نسبيًا والبنية التحتية الرقمية إضافة إلى رؤية المملكة 2030 وما شملته من مبادرات مالية وإصلاحات اقتصادية والمكتسبات التي تحققت منذ اقرار الرؤية وتنويع ودعم الإيرادات غير النفطية وإدارة جائحة كورونا بعناية فائقة وبشكل فعال.. كل تلك العوامل لعبت دورًا هامًا في الحد من الآثار السلبية على المواطنين والمقيمين وعلى الاقتصاد الوطني والذي أثبت قدرته ومكانته في مواجهة تداعيات الجائحة وخصوصًا تمكنه من فرض التوازن بين الإجراءات الاحترازية وتوقيت عودة الأنشطة الإقتصادية تدريجيًا.
جاءت ميزانية 2021 يسودها التفاؤل لاستكمال مسيرة التنمية ومواصلة الأعمال واستكشاف الفرص الواعدة بالمستقبل، إذ يتوقع أن يشهد النمو الاقتصادي ارتفاعًا مع الاستمرار في تنمية دور القطاع الخاص من خلال تسهيل بيئة الأعمال والتقدم في برامج التخصيص وإتاحة مزيد من الفرص أمام القطاع الخاص للمشاركة في مشاريع البنية التحتية وتطوير القطاعات الجديدة والاستمرار في تنفيذ برامج رؤية المملكة 2030 لتحقيق مستهدفاتها للمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي، إضافة للدور الهام الذي تقوم به الصناديق التنموية في دفع النشاط الاقتصادي وفي مقدمتها صندوق الاستثمارات العامة والذي يعتزم ضخ مئات المليارات في الاقتصاد السعودي في العام المقبل لخلق المزيد من فرص العمل وتوفير إيرادات إضافية للدولة.