بعض الناس يريد أن ينجح.. ويبحث عن أقصر الطرق للنجاح، وأعني بذلك الغش بكل الوسائل التي تقرّبه إلى هدفه دون أي مجهود يقوم به، ولم يعلم أنه بهذه الطريقة يضر نفسه أكثر مما ينفعها.. وقد عبَّر المسيح عليه السلام عن هذا بقوله: (ماذا ينتفع الإنسان إذا كسِب العالم وخسِر نفسه).!
إن النجاح الحقيقي لا يحتاج لخلطة سرية مثل حاجة الطعام لبعض البهارات والمكونات الخاصة، بل يحتاج لتخطيط سليم واقتناع تام بالنجاح، وإيمان قوي بالقدرات، مهما كانت بسيطة، ويفخر بأفكاره مهما رآها الغيرُ تافهةً، فالناجح يخلق النجاح لنفسه، ولا ينتظر أخذه من الناس وفي هذا يقول «مارسيل مانيول»: (النجاح ثلاث مراحل: أن تعي موهبتك، وأن تضع يدك عليها، ثم تعاملها معاملة الليمونة: تعتصرها حتى لا يبقى منها غير القشرة)!.
هناك فرق كبير بين شخص ناجح وشخص يتوهم النجاح، وبين هذا وذاك خيط رفيع، فالناجح الحقيقي حياته قائمة على الجد والمثابرة والإبداع، أما الواهم فيكتفي بنجاحه ويعتقد أنه ليس بحاجة إلى أن يبذل جهداً لإظهار قدراته، ويركز على جانب من أمور الحياة على حساب جانب آخر، كتقديم العمل على تربية الأبناء، وتقديم الشيء المهم على الأهم.. مثل شخص نجح في جمع المال ليفتتح مطعماً وهو لا يفقه في الطبخ وأسسه!.
أكثر من ذلك... سهل جداً على الإنسان أن يصل للنجاح باعتماده على تزييف الحقائق والوثائق للوصول لهدف معين، فالإفراط في هذا يُولِّد النجاح الوهمي الذي لن يستمر إلى النهاية مهما كانت المحفزات، ويظل نجاحه خسارة وضياعاً للوقت وعطاءاته غير قابلة للاستمرار، لأنه أتى دون إعمال للعقل والبحث والتعب، وبذلك فهو نجاح لا لون له ولا طعم، وسرعان ما يتلاشى وينهدم في غضون ظرف معين.
يقول الله تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً.. الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً).
حسناً ماذا بقي؟!
بقي القول: إنني لا أشعر بطعم النجاح الحقيقي إلا عندما أُدرك المشقة التي سأتكبدها، وأكون قادراً على الموازنة بين جوانب الحياة لتحقيق التطلعات التي أطمح في الوصول إليها مستحضراً ما قاله السيد «جون تشارلز»: (لا يصل الناس إلى حديقة النجاح، دون أن يمروا بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات)!!.