وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن هذا القلق العالمي تزايد بعدما شددت الحكومة البريطانية، إجراءات الوقائية، ففرضت حجراً هو الأكثر صرامة منذ مارس الماضي، وقال رئيس الوزراء، بوريس جونسون، إنه عندما يغير الفيروس طريقة هجومه، فإن المطلوب من السلطات أيضاً أن تحدث تغييراً موازياً في طريقة الدفاع.وفي جنوب إفريقيا أيضاً، تم رصد نسخة مماثلة من السلالة البريطانية، وتم العثور عليها لدى 90 في المئة من العينات التي خضعت لتحليل المتواليات الجينية، منذ منتصف نوفمبر الماضي.ويشعر العلماء بقلق إزاء الطفرة، لكنهم يقولون إنها لم تكن أمراً مفاجئاً، بل متوقع، لاسيما أن الباحثين رصدوا الآلاف من التغييرات المجهرية في الفيروس وهو يجوب العالم بأكمله.
على العلماء رصد الطفرات
تقول جيسي بلوم الباحثة فى البيولوجيا التطورية في مركز "فردي هوتشينسون" لبحوث السرطان بمدينة سياتل، إن هذه الطفرة تكشف أهمية أن يبقى العلماء في يقظة من أمرهم: "علينا أن نرصد هذه الطفرات حتى نحدّد منها ما قد يحدث آثاراً".وتتسم السلالة البريطانية بـ20 طفرة، بعضها يرتبط على نحو وثيق بالطريقة التي يظهر بها الفيروس للخلايا البشرية، وكيف يصيبها ويتسلل إليها.ويرى الخبير والباحث في الأمراض المعدية بجامعة سانت أندروس باسكتلندا، ميوج سيفيك، أن هذه الطفرة الجديدة تتيح للفيروس أن يتكاثر وتنتقل عدواه بشكل أكبر. وما يشغل العالم في الوقت الحالي هو احتمال أن تؤثر هذه السلالة في نجاعة اللقاحات التي ترقبتها البشرية طيلة العام الجاري، أملاً في العودة إلى الحياة الطبيعية.
الفيروس"محتال" والجسم "ذكى"
وتقول الباحثة بلوم، داعية للطمأنينة: إنه لا داعي للقلق من احتمال تسبب طفرة كارثية واحدة في نسف الأجسام المضادة كافة وما يقوم به الجهاز المناعي لدى الإنسان. وأضافت أن الأمر ربما يستغرق سنوات طويلة حتى يحصل، أي أن تتراكم طفرات كثيرة، لأن المسألة ليست شبيهة بالضغط على زر.وكانت أوراق علمية سابقة قد كشفت أن فيروس كورونا يستطيع أن يتغير من أجل تفادي التعرف عليه من قبل جسم مضاد أو حتى من قبل مواد أخرى، لكن من حسن الحظ، أن الجسم يؤدي دوره بشكل ذكي في هذه الحالة.
ويحتاج الفيروس إلى سلسلة كبيرة من الطفرات حتى يستعصي على رصد الجهاز المناعي لدى الإنسان، وهدف كل طفرة من الطفرات هو خداع الدفاع الذي يقوم به الجسم والتغلب عليه.
وتشرح الباحثة بلوم أنه حتى فيروس الإنفلونزا يحتاج إلى ما بين 5 و7 سنوات لأجل مراكمة ما يكفي من الطفرات حتى يصبح الجهاز المناعي عاجزاً عن رصده.في غضون ذلك، يراهن العلماء على تلقيح ما يقارب 60 في المئة من سكان العالم خلال العام المقبل، وهو أمرٌ لا يخلو من التحديات، فضلاً عن خفض عدد الإصابات الجديدة قدر الإمكان.