جمال المطر كجمال الأرواح المحلقة في سموات الألق، و(لا) أجمل من أن تكون أحلامك مطراً وأيامك مطراً وحياتك مطراً، ولأن الجمعة التي عاشتها مدينة جدة هي جمعة مختلفة في مدينة مختلفة، وكلكم عاش المطر في هذه المدينة الناعمة والحالمة، جدة التي في جيمها الجمال، وفي دالها الدلال، وفي تائها خفر الأنوثة، الله على هذه المدينة حين تغتسل بماء الطهر وعطر القطر تحت غشقة مطر كما كان يسميها أخونا المرحوم بإذن الله الأستاذ سعد الثوعي الغامدي، العاشق المتيَّم الذي قال «عمري أنا مثل الشجر.. يعيش (لا) طاح المطر.. يموت من جور العطش (لا) كان ما طاح المطر وحليل من شوقه مطر.. حليل من شوقه مطر»، رحم الله أبا رامي وأسكنه فسيح جناته، الزميل الذي كنت أحبه قبل أن أعرفه وكنت أقرأ له قبل أن ألقاه يوم كان يكتب زاويته الحادة في صحيفة عكاظ، ويرسم فوق أتلام السطور عشقه شجراً وأحلامه مطراً وحكاياته أزهار ياسمين!.
المطر هو أن ترى الماء يلاغي روحك ويبلل جسدك ويحملك من مكانك إلى الغيم الذي يظلل خدود الأرض ويسقي عطشها ويخفف عنها شوقها، ولأن لسعد الثوعي مكانة في قلبي ظل حاضراً معي رغم أنف الغياب الذي سببه موت سعد قبل أكثر من20 عاماً، ولأن الرموز (لا) تموت وكل الذين يلهموننا يعيشون معنا حتى اللفظة الأخيرة، ذلك لأنهم أناس كتبوا لنا وتعبوا من أجلنا ذات زمن ومن ينسى سعد الثوعي، ذلك الإنسان الذي قط ما غادرت روحه الأرض ولا خطت يمينه سوى الحب للإنسان والمكان، ومن حقه علينا أن نتذكره اليوم ونسأل الله له الرحمة، وأي جمال يحضر في هطول المطر ومعه سعد الثوعي وروحه البيضاء المملوءة برائحة المطر.
(خاتمة الهمزة).. لو كنت أستطيع الرسم لرسمت صورته ليس إلا لأنني أشعر أن كلينا يرى الأشياء بإحساس واحد.. رحم الله أبا رامي وأسكنه فسيح جناته.. وهي خاتمتي ودمتم.