غيَّبَ الموتُ أحدَ الأعلامِ في هذا الوطنِ المعطاء، من مواليدِ عنيزة ولكنه اختار جدة مقراً لإقامته الدائمةِ. إنه معالي الأستاذ عبد الرحمن بن عبد الله أبا الخيل، حيث سُمِّي الشارعُ الذي يسكنُ فيه باسم والده الشيخ عبد الله أبا الخيل تقديراً من أمانةِ جدة لوفائه لهذه المدينة التي أحبَّها وأحبَّتْه..
أمضى معاليه خمسة عشر عاماً وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية، واختار معالي الأستاذ محمد الفايز وكيلاً للوزارة لشؤون العمل، ومعالي الدكتور عبد الوهاب بن عبد السلام عطار وكيلاً للوزارة للشؤون الاجتماعية، وشهدت الوزارة في عهده عدداً من التنظيمات الجديدة، وتأسَّست خلالها مصلحةُ الضمان الاجتماعي ونظام التأمينات الاجتماعية، وتم تحديث نظام العمل والعمال، وحرص معاليه على مكافحة المركزية، حيث قام بتفويض كل صلاحياته لوكلائه، وكان يترقب حُسن الأداء والمنافسة الشريفة على المنتج وتحسين نوعه.
وفي عهده تم دمج التعليم الفني والتدريب المهني في مؤسسة عامة يرأس مجلس إدارتها وزير العمل والشؤون الاجتماعية، وفي نفس الفترة تم انتقال مسؤولية الإشراف على الشباب والرياضة من وزارة المعارف إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية واختار لها معاليه نخبة من الشباب المؤهل ومنهم: د. عبد الله العبادي، د. صالح بن ناصر، والأستاذ عبد العزيز الثنيان، وصالح القاضي إلى أن أصبح هذا القطاع مستقلاً وتولَّى إدارتَه العامة الأميرُ خالد الفيصل.
ثم دُعي إلى عالم الدبلوماسية التي مارسها من قبل حيث تم تعيينه سفيراً لبلاده في مصر، وبعد صدور نظام مجلس الشورى عام 1412هـ بعامين اختير معاليه من بين أعضائه الستين في دورته الأولى. وفي مجلس الشورى أُتيحتْ لي فرصة التعرف على هذه الشخصية المرموقة، حيث أضاف اختياره -في نظري- محصلة خبرة سابقة متراكمة لديه اكتسبها في المجالين الدبلوماسي والاجتماعي. وخلال زيارة وفد مجلس الشورى للبرلمان المصري -وهي الدولة التي كان سفيراً فيها- تعمّقت علاقتي بمعاليه خلال تلك الرحلة، وكان الشيخ محمد بن جبير يجعله في مقدمة الوفد ويشيد دوماً بمواقفه وخبراته ودوره في لجنتي الشؤون الاجتماعية واللجنة الخارجية.
في عام 1433هـ أصدر طيب الذِّكر الدكتور عبد الرحمن الشبيلي يرحمه الله كتاباً بعنوان: (عبد الرحمن العبد الله أبا الخيل.. وفاء لوفاء) بمناسبة تكريمه في مركز ابن صالح الثقافي بعنيزة، وقام بتقديم الكتاب معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر -يرحمه الله- (مطبعة سفير بالرياض)، والكتاب يُمثِّلُ سيرةً مختصرة لهذا الرجل المعطاء البار بوطنه وبكلِّ من عَرفه، وفي الكتاب محطاتٌ مختصرة عن (أبا الخيل: رجل الأعمال، وأبا الخيل: قارئاً وناقداً، وأبا الخيل: شاعراً).
رحم الله صاحب الخلق الرفيع الذي أجاد فن التعامل مع الناس، ووظَّف جاهه لخدمة الغير، وكان مثال القدوة الحسنة، وخالص التعازي لأشقائه وشقيقاته وأبنائه الأكارم وكل محبيه.
في جنَّة الخُلد أبا أيمن، طبتَ حياً وميتاً.