في الوقت الذي تشكل الحياة الزوجية الهادئة صمام أمان للمجتمعات، حيث أن الأسرة المستقرة غالباً ما تنتج أجيالاً سوية تُسهم في بناء المجتمعات، وعلى العكس من ذلك تعد الخلافات الزوجية مرتعاً وبيئة مناسبة للتفكك الأسري وبالتالي احتمالية ممارسة العنف بشتى أنواعه، وما يتبعه ذلك من كوارث حقيقية تؤثر على حياة الأفراد والمجتمعات، وهي القضايا التي عملت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على محاربتها بعدد من البرامج واللوائح والمناهج والدورات التوعوية وقد جاء مركز بلاغات العنف الأسري وعبر الرقم (1919) للتصدي ومحاربة هذه القضايا عبر تلقي البلاغات ومعالجتها.
وفي هذا السياق، يقول مدير عام جمعية "المودة" للتنمية الأسرية "محمد علي آل رضي": إن الأسر غير القادرة على حل مشكلاتها في الحياة الزوجية غالباً يكون سببها الانعكاس النفسي لماضي الطرفين في التربية، والتعرض لمواقف مؤلمة في طفولتهما، أو عنف أسري تبقى آثاره مستمرة معهما، وفي بعض الأحيان تتحول إلى قناعات سلبية Negative convictions تؤثر على حياتهما وأسرتهما الجديدة في المستقبل.
وتابع: إن عدم توعية الأبناء بالحياة الأسرية والزوجية في المراحل التعليمية المختلفة، وكذلك عدم بناء قدراتهم قبل الزواج عبر دورة المقبلين على الزواج، والتي تشمل الجانب النفسي والاجتماعي والصحي والاقتصادي، والاهتمام بمعرفة معايير اختيار شريك الحياة، للتوافق الزواجي بين الطرفين يقود غالباً إلى سوء العلاقة بين الزوج وزوجته، بسبب عدم التوافق، وعدم وجود حوار بين أفراد الأسرة، أو انعدام المسؤولية تجاه الأسرة من قبل الزوج وزوجته، والتي تنتج الطلاق البائن أو العاطفي، وتُشرِّد الأبناء، وتُفكك الأُسَر، كما تؤدي في بعض الأحيان إلى أكثر من ذلك من المنغصات التي تقوِّض تماسك المجتمع.
وأوضح: "بالرجوع إلى حالات الطلاق نجد أن غالبيتها نتيجة جهل الفتيات والشباب بمهارات الحياة الزوجية".
دور الدورات
ويضيف: أثبتت دراسة لأثر دورات المقبلين والمقبلات على الزواج للحقيبة الوطنية الموحدة على مستوى المملكة، والتابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية، والتي استفاد منها نحو 400 ألف مقبل ومقبلة على الزواج- أن 97% ممن استفادوا من الدورات يعيشون حياة أسرية مستقرة، وقادرون على حل مشكلاتهم الأسرية، ولا يوجد بينهم حالات طلاق، وذلك من الأعوام بين 2015-2019، لذا من المهم الحصول عليها، وإجراء اختبارات القياس، ويمكن الحصول عليها أون لاين الآن عبر منصة "عامر" لتأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج، والتي تقدم كل خدماتها مجاناً، وتحتوي على نحو 52 فيديو تعليمياً، و42 نشاطاً أسرياً، ودليلين توعويين، و3 اختبارات قياس.
وطالب "آل رضي" وزارة التعليم بضرورة الاهتمام بالمناهج المتعلقة بمهارات العلاقات الأسرية للمراحل العمرية من الابتدائية وحتى الثانوية، والتي يختلف محتواها حسب كل مرحلة، وكذلك الاهتمام بمنهج جامعي موحد لمهارات العلاقات الزوجية، مبيناً أن هذا سيسهم حتماً في خفض معدلات الطلاق والعنف الأسري خلال السنوات العشر المقبلة، وقد تم إجراء دراسة مقارنة للمناهج الأسرية في 8 جامعات بـ 4 مناطق ونحو 28 منهجاً، ولم تكن بالمستوى المأمول.
وأشار آل رضي إلى أنه "من الجيد أن يلجأ الشريكان إلى الاستشارات الزوجية، لكونها تؤثر إيجاباً على طبيعة العلاقة بينهما"، وهناك العديد من مراكز الاستشارات الأسرية والزوجية المجانية؛ منها مركز "مطمئن" التابع لجمعية المودة، حيث يسهم في تقديم الاستشارات فيه أكثر من 60 مستشاراً ومستشارة محترفين ومتخصصين، وفق معايير وظيفية معتمدة، ويمكن الحصول على استشارة هاتفية عبر الرقم 920001421 أو حجز طلب استشارة بالمقابلة عبر الرقم 920001426.
وعن الأسباب الكامنة خلف قضايا العنف الأسري يقول مدير عام جمعية "المودة": توجد أسباب عديدة، منها المتغير النفسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي والتعليمي، ومن المؤثرات الكبيرة في شخصية المعنف: التربية، وغرس القيم الأسرية خاصة في المرحلة العمرية من 3-12 عاماً، وفق منهج "أريكسون" النفسي، وهذه المرحلة العمرية ترسم شخصية ومستقبل الطفل، فإذا نما وسط بيئة عنف لفظي أو جسدي وإحباط وإهمال قد يتحول لديه ذلك إلى سلوك، ثم تبنِّي ما يؤثر على علاقاته في محيطه الأسري مستقبلاً.
ولفت إلى أن من الخطوات التي تساعد الشريكين في الحفاظ على زواج ناجح يدوم طويلًا: أهمية الحوار الأسري؛ حيث ينبغي على الزوجين أن يتحدثا عن احتياجات كل طرف من الآخر، لأن جهل الزوجين باحتياجاتهما قد يكون سببًا قويًا في حدوث خلافات بينهما، وبالتالي تظل الحياة بينهما في تهديد مستمر.
آل رضي: البعد عن الخلافات الزوجية أمان واستقرار
تاريخ النشر: 19 يناير 2021 21:35 KSA
الحياة المستقرة تنتج أجيالاً سوية تُسهم في بناء المجتمعات
A A