Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أختلف معك ولا أحترم رأيك

A A
إذا ما سُئل الإنسان العاقل عن رأيه في أمرٍ ما، فإنه يُجيب وِفق اعتقاده وشعوره، وبقدر ما يمتلك من معلومات حول هذا الأمر، فيبدأ بالتفكّر والتأمل حتى يكوّن رأيًا سديدًا قدر الإمكان، ومع هذا فإنه يتبنى قول (الشافعي): "رأيِ صواب يحتمل الخطأ، ورأيُ غيري خطأ يحتمل الصواب".. ويتبِع قول الأئمة: "إن كنت ناقلًا فالصِّحة، وإن كنت مُدَّعيًا فالدليل".

عندما توضع الأمور على طاولة النقاش وتتباين فيها الآراء بين اتفاق واختلاف، فلا ضير في ذلك طالما أن الأمر فيه مساحة تستوعب الآراء المختلفة، أما الأمر المعقول الذي لا تختلف فيه العقول، فإن طرحه للتداول مجرد ترف فكري وتمرين عقلي.

كل إنسان له الحق في امتلاك رأي لأي موضوعٍ كان، طالما ظل مُحتفظًا برأيه هذا لنفسه، وإلا فالتسفيه والتجاهل دواءٌ لكل أحمقٍ جاهل، فليس من المعقول أن تتساوى الخبرات والعقول، وللأسف أن أغلب الناس أصبحوا خُبراء في كل الأمور، ويُبدون آرائهم فيها بكل ثقة، وكأنهم علماء وأطباء وخُبراء واقتصاديون وسياسيون، والحقيقة أن أكثرهم لا يفقهون، ويهرفون بما لا يعرفون، وقد تأتي الآراء الشاذّة والغبيّة من كِبار مُتعلمين، ولكنهم تحدثوا في غير فنونهم فأتوا بالعجائب.

عبارة:(أختلف معك وأحترم رأيك) ليست صحيحة بالمُطلق، فقد تُجبرنا بعض الآراء على أن نقول لأصحابها بأعلى صوت: (نختلف معكم ولا نحترم آرائكم)، كمن يصف الشذوذ بأنه فطرة سويّة، أو يجعل مُحاربة الدين حريّة شخصيّة، أو يدّعي أن التقليد الأعمى تحسينًا للهوية. الإنسان السوي واعي قوي، لا يحترم الشيء ونقيضه، فهو يحترم الإسلام والإنسان، ويتعامل مع الجميع بإنصافٍ وإحسان.

أصبحنا نُشاهد كثيرًا على منصات التواصل من يجترئ على أمور الدين، فيُبدي رأيه في الأحكام الشرعية، وكأن له رأيًا فيها، فهو لا يمتلك أدنى أدوات الفهم والتعلُّم، والحقيقة أن الإنسان أمام خيارين لا ثالث لهما، إما استجابة لأمر الله عز وجل ورسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وإما اتباع الهوى، فلا يُقدّم الرأي على الوحي، ولا الهوى على العقل.

رأيك المُسبق الذي تعمِّمهُ على الآخرين قد يكون سببًا في تعاستك أو سعادتك، بحسب ما يكون من حُسن ظن أو سوء ظن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store