لم يحظَ قطاع الأوقاف بالتطور والتنظيم المؤمَّل منه، وألقى هذا الأمر بظلاله على نظرة الخيِّرين ممن يؤمنون بالأهمية البالغة للوقف لدوره الإنساني والاقتصادي والتنموي، ونجم عن هذا الأمر فقد الثقة في هذا القطاع البالغ الأهمية، إلا أن تأسيس الهيئة العامة للأوقاف بالمرسوم الملكي بتاريخ 26/2/1437 هـ جاء لإنقاذ هذا القطاع، لا سيما وأنه أصبح له استقلالية وشخصية اعتبارية، ويرتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، وأعاد الأمل والثقة مجدداً، وأصبح الجميع يتطلع الى برامج الهيئة العامة للأوقاف للخروج من النفق المظلم. ولم تنشط هيئة الأوقاف إلا في العامين الأخيرين مستهدفةً تنظيم هذا القطاع والمحافظة عليه وتطويره وتنميته والاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال.
دروس عديدة يمكن أن تُستقى من الهيئة العامة للأوقاف، منها الوقف العلمي لجامعة الملك عبد العزيز الذي أثبت جدارته باحترافية لإدارة الوقف.
كما أصدرت غرفة الشرقية إضاءات عن أبرز ممارسات الوقف في بريطانيا (أحتفظُ بنسخة منه)، وتضمنت الفكر الإستراتيجي للأوقاف هناك.
كما أن قطاع الإفتاء والبحوث بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت الشقيقة والنظام الوقفي بشكل عام يعد من أفضل نظم التأمينات الاجتماعية، وفي هذا الإطار أشيد بفتوى هيئة الإفتاء بجواز التأمين التكافلي طالما كان جائزاً بشروطه ولا يتعارض مع قانون شركات التأمين التعاوني وتطبق عليه أحكام الوقف وأحكام الوصية بعد الوفاة.
نحن في أمسِّ الحاجة لإيجاد قاعدة معلومات تشمل جميع الأوقاف في الوطن والحرص على استكمال كل السبل المتاحة لتطوير العمل الوقفي وصيغة الوقفية والإعلان عن غلال الأوقاف وطريقة الصرف وتشجيع طلبات إنشاء الأوقاف العامة والمشتركة.
هناك العديد من الأوقاف التي خُصصت للحرمين الشريفين في بعض الدول الإسلامية وهذا يستلزم الإفصاح عنها وتبرئة ذمة المشرفين عليها في الخارج.
والحديث في الشأن الوقفي ذو شجون، وأزيد أن أختمَ بأحد النماذج الناجحة المتمثلة في انضمام بعض الأوقاف المتاخمة للحرم المكي إلى مشروع شركة مكة للإنشاء والتعمير قبل ربع قرن، والذي تمخض عنه تحقيق أرباح تتجاوز ستمائة في المائة مما كانت عليه قبل ضمها كأسهم وقفية في الشركة، والمؤمل من الهيئة الإفصاح عن هذه التجربة الثرية والكشف عن طريقة صرف تلك الغلال وفقاً للأغراض الموقوفة.
العامان الماضيان شهدا إنجازات لهيئة الأوقاف وننتظر المزيد بما يقلِّص التكاليف التشغيلية ويحقق الاستدامة ومقاصد الشريعة.