مقولة (الشرق شرق والغرب غرب) تعكس واقعاً نعيش فيه وأسساً حضارية نعايشها وهي مستمدة من شرعنا الحنيف، وعشنا ولا نزال نعيش فيها وهي الخيار بين الحرية الفردية أو الالتزام بالمجتمع والمصلحة العامة والحرص عليها. حيث يركز الغرب أو ما يسمى بالدول الديموقراطية على الفرد وحرية اختياره وقراره على ماعداه وتعتبر الأساس الذي يقوم عليه. في حين نجد أن الاهتمام في دول الشرق على الالتزام بالمجتمع والمصلحة العامة. لاشك أن هناك اختلافاً في الثقافات والمبنية على الأعراف والبيئة ويتميز عنها المجتمع الاسلامي بوجود القيم الشرعية المستمدة من الخالق لبناء المجتمع. لذلك يعتبر البناء لتكوين المجتمع بعداً مهماً وحيوياً وليس بالسهل تكوينه وتقبل المجتمع له وممارسته. ولعل أسوأ شيء أن يفرض على المجتمع ما هو غير ملائم ومقبول له واعتبار ما نقوم به هو الأفضل والأسلم. ولكن نترك مساحة للعقل ليختار الأمثل والمتماشي مع الطبيعة البشرية. وبنظرة فاحصة للبعد الأول وهو الحرية الفردية وتقديمها على كل ماعداها والحفاظ عليها مع النموذج المعدل وهو الحرية الفردية مع مراعاة الابعاد الاخرى بحيث لا تطغى عليها. وهنا الفرد سيغلب دوماً مصلحته حيث لا توجد حدود واضحة لغيرها مما سيتسبب في وجود تجاوز في ظل الأنانية وحب الذات. وهو أمر متوقع ومن طبيعة البشر وجبلوا عليه وفي تكوينهم. في حين نجد أن الجانب الاخر وهو الالتزام بالمجتمع وتقديم المصلحة العامة على الفرد وهو ما نجده في المجتمعات الشرقية وبعض المجتمعات الغربية التي يكون للبعد الاجتماعي تأثير فيها والتي يطلق عليها الليبرالية. والملاحظ أن هذا البعد أيضاً موجود في المجتمعات الإسلامية مثل المملكة العربية السعودية والتي تحرص في قراراتها على المجموعة، وهنا نجد أن دور الفرد هو جزء من المجتمع الذي يمثل الكل والمجتمع هو اللبنة الأساسية عند القرار بعكس النموذج الآخر الذي يعد الفرد فيه هو الأساس ويبنى كل شيء عليه ويعتبرون المجتمع هو نتيجة وليس الأساس. لذلك نرى أن التطور يكون عادة في المجتمعات التي تطبق النموذج بحذافيره بعيداً عن الفردية التي قد تتسلل في مجتمعات لا تلائمها وتؤخر العجلة من المسير.