هل يستوعب المستهترون لماذا تم اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية مسبقاً منذ بداية الوباء العام الماضي للمحافظة على الأمن الصحي؟!، هل يستوعبون أن عدد الإصابات في العالم بالفايروس تتزايد يومياً؛ ووصل حتى لحظة كتابتي المقال إلى 105 ملايين مصاب، وأن عدد الوفيات وفق الإحصاءات العالمية وصل 2.3 مليون وفاة!!، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها وصلت الإصابات إلى 26 مليون حالة، فيما الوفيات 456 ألف وفاة أي ما يقارب نصف مليون!!، وغيرها من دول العالم التي ما تزال تعاني منذ بداية انتشار وباء كورونا رغم مرور عام كامل وحتى اليوم، في ظل ما سببه من أزمات أمنية واقتصادية وبطالة! بينما نحن في السعودية وبفضل الله تعالى ثم توجيهات قيادتنا الحكيمة وقراراتها التي اتخذتها في وقت مبكر بتطبيق إجراءات صارمة كان لها تأثيرها الاقتصادي السلبي الكبير ولكن تمّ اتخاذها وتوجيه جهود وزارات الحكومة في التعامل بها مع هذه الأزمة حرصاً ومحافظة على حياة وصحة المواطنين والمقيمين على حد سواء.
واستطاعت الدولة السعودية السيطرة على انتشار الفيروس خلال العام الماضي وإلى الآن، ووصلنا بفضل الله إلى معدل منخفض جداً من الإصابات قياساً بعدد السكان والحجم الجغرافي الذي تتمتع به المملكة العربية السعودية كأكبر دولة في منطقة الشرق الأوسط جغرافيا، وكانت هناك جهود وما تزال تبذلها كافة الوزارات وبشكل خاص وزارة الصحة تماشياً مع توجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهم الله- حتى أننا أوشكنا أن ننتهي من هذا الوباء.
إلا أنه وبعد تخفيف الإجراءات الصارمة منذ بضعة أشهر بالاعتماد على حس واستشعار المواطنين والمقيمين المسؤولية في الالتزام بالإجراءات الوقائية تعاوناً مع جهود الدولة لحفظ مكتسبات المرحلة التي حققت الأمن الصحي؛ كانت للأسف الشديد شريحة من المجتمع -بالعادة موجودة في كل المجتمعات- لا تهتم إلا بنفسها ولا تمتلك حس المسؤولية المجتمعية وتُمارس حياتها بأنانية فردية؛ تهاونت واستهترت وتعيش حياتها دون أخذ فيروس كورونا بجديّة؛ وكأن ليس هناك جائحة تفتك بالعالم حولنا، خاصة ونحن في فصل الشتاء الذي ينشط فيه الفيروس وقد تحوَّر إلى سلالات أشد خطراً من أصله وبات ينتشر في بعض دول العالم!!، ولا يستطيع أحد منّا أن يُنكر ما بتنا نراه في الأسواق والمطاعم والأماكن العامة ناهيك عن التجمعات العائلية في المناسبات بأعداد تتجاوز المسموح به!، فيما خسر آخرون أحبابهم بسبب تهاونهم بعد نقلهم الفيروس إليهم؛ ورغم تشديد وزارة الصحة في رسائل تحذيرية يوجهها وزيرها معالي د.توفيق الربيعة بنفسه للتنبيه على أخذ الحذر والالتزام الوقائي والحرص على التباعد الاجتماعي إلا أن ذلك لم يكن نافعاً مع هذه الفئة المستهترة!!
وإثر هذا التهاون الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الإصابة بعد فترة من السيطرة كان لزاماً أن تعود الحكومة السعودية إلى تطبيق الإجراءات الصارمة من جديد؛ وإصدار قرارات إغلاق الأماكن الترفيهية وصالات السينما والصالات الرياضية ومنع المناسبات وتعليق الطلبات الداخلية في المطاعم والمقاهي وهي إجراءات باتت ضرورية لمنع انتشار الوباء بسبب المستهترين والذين رغم كل هذه الرسائل التحذيرية والإجراءات الاحترازية الجديدة وجدناهم في الواجهة البحرية يوم الجمعة الماضي عبر عدد من الصور والمقاطع التي انتشرت حتى أني تخيلت كورونا مختنقاً وسط ذلك الزحام، الأمر الذي أدى إلى إصدار قرار بإغلاق الواجهة البحرية في جدة.
بالمختصر المفيد؛ هذه الإجراءات والقرارات الاحترازية الأخيرة التي عُدنا إليها مع عام 2021م إنما تعكس الحرص الكبير لدى الحكومة السعودية على سلامة وصحة المواطنين والمقيمين كما تعودنا منها دائماً؛ منعاً لارتفاع الإصابة وتعريض حياة كبار السن والمرضى بالأمراض المزمنة لخطر هذا الفيروس الخبيث «كورونا»، وإن كان ذلك له تأثيره على الاقتصاد؛ لهذا يجب علينا جميعاً أن نتعاون مع هذه الجهود باستشعار المسؤولية الذاتية والالتزام بالإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي؛ فإن لم نفعل واستمر الاستهتار فقد تلجأ الحكومة إلى الحظر الجزئي وربما الكلّي كما لجأت له العديد من الدول حول العالم، وهو أمر لا يريده الجميع لما فيه من ضرر اقتصادي وأرزاق الناس خاصة من يعتمدون في رزقهم على تحصيله يومياً، لهذا رجاء كلنا مسؤول وعلينا أن نعود بحذر حتى يتم القضاء على الفيروس ونعود إلى حياتنا الطبيعية.