يعد الكتاب نقطة التقاء بين مجالات متباينة ولكنها في ذات الوقت متداخلة ومتقاطعة بما يوازي تطورات العصر الحالي في نواحٍ متداخلة، فتقنيات الذكاء الاصطناعى ممثلة في «الواقع المعزز والواقع الافتراضى والبلوك تشين وصحافة الروبوت» وغيرها من التقنيات المستحدثة، قد فرضت نفسها وبقوة في حقل الممارسة الإعلامية عبر المنصات الرقمية المختلفة، لذا يقدم هذا الكتاب لدارسي الإعلام ومنتجي المحتوى والصحفيين المبتدئين ولأولئك الذين يسعون للتعرف أكثر على مجال الإعلام الرقمي وارتباطه بتقنيات الذكاء الاصطناعي محاولة جادة ورصينة لرصد التغيرات التقنية، كما يقدر لهم المعرفة والمهارات اللازمة لبدء العمل في هذا المجال الواعد.
وسخّر رئيس قسم الصحافة والإعلام الرقمي في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أحمد بن علي الزهراني، والأستاذ المشارك بقسم الصحافة والإعلام الرقمي في ذات الجامعة الدكتورة مروة عطية محمد عطية خبرتهما العملية وإبداعهما العلمي الممتد لسنوات عدة في بلاط الصحافة ودهاليز الإعلام الرقمي لينتجا هذا الكتاب للباحثين عن المعرفة وأساتذة الإعلام والاتصال ومستقبل الإعلام في الوطن العربي من الطلاب والطالبات وللمكتبة العربية ككل، إذ يرى المؤلفان أن العصر الحديث عصر الإعلام بامتياز عبر المنصات الرقمية، وشبكات الجيل الخامس التي فتحت الباب على مصراعيه أمام التحول في أساليب الممارسة الإعلامية استنادا إلى التقنيات الحديثة. ويتجلى استشراف الزهراني وعطية لمستقبل الصحافة وفنونها الإعلامية ذات البعد الإبداعي في مقدمة الكتاب بمناقضاتهما ادعاء انتهاء عصر الصحافة نظراً إلى أن التقنيات الجديدة التي توفرها بيئة الإعلام الرقمي أعادت تشكيل الممارسة الإعلامية على مستوى إنتاج وسرد المضمون بأساليب تتوافق وطبيعة المنصة الرقمية من جهة والتحول في أساليب تعاطي الجمهور الرقمي مع هذه المضامين من جهة أخرى.
حيث يستعرضان من خلال 14 فصلا وبشكل متسلسل التطورات والتقنيات والأدوات والمفاهيم المستحدثة والمرتبطة بالإعلام الرقمي، كالوسائط المتعددة الرقمية، كما يعرض لمفاهيم جديدة مثل مفهوم قصص الفيديوجراف والكروس ميديا Cross media والقصص الإخبارية المصورة والقصص الإخبارية بأسلوب البطاقات وكلها أساليب في سرد وبناء المضامين الرقمية فرضتها التقنيات المستحدثة لشبكة الإنترنت.
تكنولوجيات الإعلام الرقمي
ركز الباحثان في الفصل الأول على 7 نقاط قدمت نبذة تاريخية حول تطور تكنولوجيات الإعلام وما ارتبط بذلك من تسلسل زمني خاص بظهور شبكة الإنترنت، مستعرضين التطبيقات التقنية وشبكات الإنترنت وأجيال الويب، شارحين مدى أهمية منظمة الأيكان المسؤولة عن التحكم في الإنترنت وإصدار المواثيق المنظمة لعمله.
حيث إنه ومع ظهور الكتابة واختراع الورق والطباعة وصولا إلى عصر الإذاعة والتليفزيون ومن ثم التحول إلى حقبة النشر الرقمي والوسائط المتعددة، عاصرت البشرية تحولات جوهرية تغيرت معها مفاهيم القوة والثروة، والتي أضحت تقاس بما تمتلكه الشعوب من معلومات، أو بمعنى أدق هو امتلاك الأمم لمتطلبات مجتمع المعلومات. فمكانة الأمم أصبحت تقاس بما تقدمه وتنتجه من معلومات وما تقدمه من هيئات وجهات ومؤسسات قادرة على إدارة واستخدام هذه المعلومات التي تعد نفط العصر الحديث، كما أنها اللاعب الأساسي في المشهد الرقمي المعاصر. فمثلما غيَّر ظهور الكتابة والطباعة ثقافات العالم الشفوية غيَّر كذلك ظهور وسائل الاتصالات الإلكترونية والأشكال الجديدة من وسائل الإعلام المرئية.
ولخص الخبراء أهم سمات تطور تكنولوجيا الاتصال والإعلام على النحو التالي:
اختراع وسائل اتصالية جديدة غيَّرت من الوظائف التقليدية للوسائل القديمة وأوجدت لها وظائف جديدة
وسائل الإعلام ساهمت في ظهور بعضها وتطويرها من خلال الجهود العلمية والعملية، فمن خلال تجارب اختراع التلغراف تم الوصول إلى الهاتف ثم الإرسال الإذاعي والتلفزيوني وساعد ظهور الحاسب الآلي على تطوير نظم جمع الحروف وإنتاج الجريدة ككل.
وسائل الإعلام الجديدة لم تقضِ على الوسائل القديمة، وثبت من خلال واقع عمل وسائل الإعلام بأنه لا يمكن لأي وسيلة أن تلغي دور الوسيلة الاخرى بل على العكس فالإنترنت على سبيل المثال خدمت جميع وسائل الإعلام الجماهيري وعملت على تطويرها وعولمتها.
وبشكل عام تسعى التكنولوجيا لتحطيم الحاجز بين ما هو جماهيري وغير جماهيري (اللاجماهيري) وتخليص الإعلام من التلقي السلبي.
وقد ارتبطت نشأة وسائل الإعلام بمراحل تكنولوجية هي
مرحلة وسائل الإعلام التقليدية وهي الصحافة والإذاعة والتليفزيون
مرحلة تكنولوجيا الإعلام والمعلومات
مرحلة الرقمية
مرحلة التفاعلية
مرحلة ما بعد التفاعلية
مدخل إلى مفهوم وخصائص الإعلام الرقمي
يعرض الفصل الثاني المفاهيم المرتبطة بالإعلام الرقمي راصداً تداعيات التحول نحو الرقمية في الممارسة الإعلامية وما يرتبط بها من تحديات، مسلطاً الضوء على 8 مواضيع مرتبطة بمفهوم الإعلام الرقمي، كمفهوم الفجوة الرقمية، والإعلام الرقمي، تحديات الفجوة الرقمية، والإعلام التقليدي في مواجهة الوسيط الرقمي. ولا تبتعد فكرة الفصل الثالث عن الثاني كثيراً، إذ استعرض في 6 مفاهيم ركزت في مجملها على الاندماج الإعلامي كأحد تطبيقات الإعلام الرقمي، وسمات حقبة الاندماج الإعلامي في البيئة الرقمية، فضلاً عن مستويات وأشكال الاندماج الرقمي للوسائل الإعلامية وغيرها من المفاهيم التي تشكلت في آليات الاندماج ما بين الوسائل التقليدية وتقنيات الإعلام الرقمي.
الوسائط الإعلامية
انتقل الفصل الرابع إلى الوسائط المتعددة الرقمية، مستعرضاً أشكال وأنماط هذه الوسائط والكيفية التي يمكن من خلالها بناء المضامين الصحفية باستخدام مشاريع الوسائط المتعددة الرقمية. ولم يتجاوز الكاتبان في الفصل الخامس الاتجاهات الحديثة في بناء المضامين الإخبارية متعددة الوسائط، مستعرضين مفاهيم حديثة في 11 موضوعاً تناولت في مجملها مفهوم قصص الفيديوجراف، والكروس ميديا Cross media والقصص الإخبارية المصورة، والقصص الإخبارية بأسلوب البطاقات، وكلها أساليب في سرد وبناء المضامين الرقمية فرضتها التقنيات المستحدثة لشبكة الإنترنت.
تقنيات الواقع الافتراضي
عرف هذا الفصل القارئ على تحديات إنتاج القصة الإخبارية الرقمية وفق تقنيات الواقع الافتراضي وآثارها الجانبية وتحرير القصص الإخبارية وفق تقنية الواقع الافتراضي ومونتاج الأفلام الوثائقية بتقنية الواقع الافتراضي (vr)، فيما كرس الفصل السابع لعرض نظرة عامة على أوضاع المحتوى العربي على شبكة الإنترنت وأشكاله ومعوقات إنتاجه، وما يرتبط بحقوق الملكية الفكرية وهي جوانب قانونية ذات صلة بإنتاج المحتوى للمنصات الرقمية المختلفة.
المنصات والإنفوجرافيك
اهتم الفصل الثامن بأساليب وقنوات توزيع المحتوى سواء عبر التوزيع المباشر أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، كما يعرض لسمات رواد المنصات الرقمية، إضافة إلى أداة تحليل «جوجل» وهي إحدى الأدوات المتخصصة لفهم جمهور المنصات الرقمية، وتضمن الفصل التاسع 11 موضوعاً، حيث تناول التصاميم المعلوماتية الإنفوجرافيك من حيث النشأة ومحددات الإنتاج. فيما ركز الفصل العاشر على الإعلام الرقمي ومفهوم البيانات الضخمة باعتبارها أحد أهم إفرازات التدفق المعلوماتي عبر شبكة الإنترنت، كما يستعرض الاستخدامات الإعلامية لتقنية البيانات الضخمة.
صحافة البيانات
تناول الكاتبان في الفصل الـ11 واحدا من أهم الاتجاهات المستحدثة في عالم الإعلام الرقمي وهي صحافة البيانات، مستعرضين أهم التجارب العالمية والعربية في مجال صحافة البيانات، فيما سلطا الضوء عبر الفصل الـ12 على مفهوم الذكاء الاصطناعي وأنماطه، وشبكات الجيل الخامس وطرق التحول نحو مجتمعات الذكاء الاصطناعي.
الإعلام الرقمي وتقنيات الذكاء الاصطناعي
يستعرض الفصل الـ13 الإعلام الرقمي القائم على تقنيات الذكاء الاصطناعي، متناولاً مجموعة من التقنيات الحديثة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، كصحافة الواقع الافتراضي وأنماط الاندماج في الصحافة الغامرة وصحافة الروبوت وتقنيات الواقع المعزز. وخصص الكاتبان الفصل الـ14 لشبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها من أهم المنصات الرقمية التي ارتبطت أخيرا بالتحول في الممارسة الإعلامية خصوصا في نشر المحتوى، كما يتناول زوايا جديدة ذات صلة بالتواجد الرقمي على شبكات التواصل الاجتماعي مثل الهوية الشخصية والإدمان الرقمي وإشكالية الخصوصية والتحول في خوارزميات الشبكات. وعرج بصورة مفردة على معوقات الاستخدام المهني في الاعلام لشبكات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر الكتاب أن دخول المؤسسات الإعلامية والإخبارية إلى عالم السوشيال ميديا أو عالم المنصات كان له العديد من التأثيرات، لعل أبرزها التسبب بأزمة مالية للمنصات التي كانت تعتمد على عائد الإعلانات في تمويلها، حيث انخفضت نسبة مبيعات الصحف وتحولت عائدات الإعلانات إلى المنصات الجديدة على الإنترنت مثل google و facebook.
صدر عن دار خوارزم العلمية
للمؤلفين د. أحمد بن على الزهراني
رئيس قسم الصحافة والإعلام الرقمي بجامعة الملك عبدالعزيز
د. مروة عطية
أستاذ مشارك بقسم الصحافة والإعلام الرقمي بجامعة الملك عبدالعزيز
335 صفحة
14 فصلا
أكاديميان يطرحان آليات دمج الصحافة بالتطور التكنولوجي
تاريخ النشر: 07 فبراير 2021 00:24 KSA
الصحافة والإعلام الرقمي في عصر الذكاء الاصطناعي
A A