حظيت المرأة بمكانة عالية ومميزة في المجتمع العربي، وكان لها دور جسيم في المجالات المختلفة، فلم تغب عن المشهد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي وحتى الديني؛ حيث كانت مشاركة في هذه المجالات كافة، وبصورة تعكس مكانتها المتمايزة منذ العصور الموغلة في القدم وإلى يومنا الحاضر.
فإذا نظرنا إلى الماضي البعيد، نجد المرأة قد تقلدت العديد من المناصب السياسية على مستوى الدول والممالك العربية، ففي جنوب شبه الجزيرة العربية حكمت ملكة سبأ في القرن العاشر قبل الميلاد، وفي شمال غرب شبه الجزيرة العربية ملكاتٌ حكمن المنطقة ورد ذكرهن في نصوص بلاد الرافدين منذ القرن الثامن - السابع قبل الميلاد.. ونقوش مملكة الأنباط تعكس المكانة التي وصلت إليها المرأة؛ حيث امتلكت المباني والمقابر وغيرها، وظهر ذلك جلياً من خلال النقوش التي أتت على ذكر أسمائهن.. ونقش صورة الملك والملكة على النقوش النبطية يعطينا دلالة على المكانة الفريدة والرفعية التي وصلت إليها المرأة، وفي تدمر كانت الملكة زنوبيا أو الزباء.
واجتماعياً، اعتنت المرأة ببيتها ورعاية زوجها وأبنائها، وكانت شريكة لزوجها في السلم والحرب.. وفي الجانب الديني وصلت لمنصب الكاهنة في المعابد، وهو أعلى منصب ديني في الحضارات القديمة، وفي الجانب الاقتصادي مارست المرأة التجارة، ونجد ذلك في شخص سلمى بنت عمرو الخزرجية وخديجة بنت خويلد القرشية.. وهذه المكانة المتباينة للمرأة توجت بانتساب بعض ملوك العرب إلى أمهاتهم، أمثال المنذر بن ماء السماء (وماء السماء لقب أمه مارية بنت عوف، لقبت به لجمالها)، وعمرو بن المنذر المعروف بعمرو بن هند؛ نسبة إلى أمه هند بنت عمرو بن حجر وغيرهم.
وهذه المكانة استمرت على مر العصور التاريخية وصولاً إلى اليوم، فنجد في شخصية الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الملهمة والمحفظة والمستشارة الخاصة للملك عبدالعزير -طيب الله ثراهما- تبوأت مكانة عالية في الدولة؛ حيث كانت تستقبل ضيفات البلاد.
واليوم تعيش المرأة عصرها الذهبي، وتحظى بمكانة استثنائية؛ حيث خصصت لها مقاعد في مجلس الشورى، والتي تعد من المجالس البرلمانية التي تناقش احتياجات المجتمع، وتشارك في اتخاذ القرارات التي تسهم في التنمية وبناء اقتصاد مزدهر، وأضف إلى ذلك كله مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية، وصولاً إلى منصب السفير، والملحق الثقافي وغيره وتمثيل المملكة في مختلف المجالات محلياً وإقليمياً ودولياً، كان آخرها في تمثيل المملكة أثناء استضافتها لقمة مجموعة العشرين.
بناء على المعطيات السابقة، نؤكد أن المرأة لم تغب عن دورها في التنمية، وكانت حاضرة بصورة أو بأخرى، والاختلاف اليوم في حجم الفرص التي تهيأت لها.. فمنذ انطلاق رؤية المملكة ٢٠٣٠ والمرأة تحظى بمختلف الفرص، وتشارك وتنافس في المناصب القيادية بمختلف المجالات.