ماذا يحصل في السعودية التي تبلغ مساحتها 2.150.000 كم²؟!
أبدأ من أهم الأخبار الأخيرة المفرحة، وهو ما أعلنه مؤخراً سيدي ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان عن تطوير منظومة التشريعات؛ والتي تعتبر خطوة بالغة الأهمية تتجه بالسعودية نحو ترسيخ قيم العدالة والمرجعية القانونية منعاً للاجتهادات الفردية في الممارسات القضائية؛ باستحداث الأنظمة الأربعة المتمثلة في مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات، بما يتفق مع الشريعة الإسلامية وقيم السعودية، وذلك يمثل خطوة كبيرة تخطوها المملكة العربية السعودية تجاه الإصلاح التشريعي المجتمعي، والذي هو محل عناية بالغة من سيدى خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وبحسب ما صرح ولي العهد الأمين: «ستمثل موجة جديدة من الإصلاحات، التي ستسهم في إمكانية التنبؤ بالأحكام، ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية، وزيادة موثوقية الإجراءات وآليات الرقابة، كونها ركيزة أساسية لتحقيق مبادئ العدالة التي تفرض وضوح حدود المسؤولية، واستقرار المرجعية النظامية بما يحد من الفردية في إصدار الأحكام».
فمن المعروف أن عدم وجود هذه التشريعات التي تم استحداثها وفق تصريح سيدي ولي العهد، كان يؤدي إلى تباين الأحكام في قضايا متشابهة نتيجة اجتهادات القضاة الفردية خاصة في الأحكام التعزيرية، مما تسبب في آلام للعديد من الأسر السعودية، ولكن بهذا التطوير في منظومة التشريعات سيؤدي ذلك لترسيخ قيم العدالة وحقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية العظيمة.
يحدث هذا التطوير ضمن مجموعة من الإصلاحات التنموية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على مختلف المستويات في مجتمعنا السعودي منذ انطلاق الرؤية 2030 التي يقودها ولي العهد الملهم، ولم توقفها أو تؤخرها ما نعيشه من تبعات أزمة جائحة كورونا التي اكتسحت العالم، لكننا في السعودية -ولله الحمد- وبجهود كافة الوزارات مُسيطرون على الأزمة رغم ما تستنزفه برامج السيطرة على تبعات الجائحة من أموال طائلة، وذلك بفضل قرارات القيادة الحكيمة التي جعلت نصب عينيها صحة المواطن والمقيم أولاً قبل الاقتصاد، فبتنا من أكثر الدول سيطرة والأقل في الإصابات والوفيات مقارنة بالمساحة الجغرافية للمملكة العربية السعودية التي تُعادل مساحتها عدداً من دول أوروبا المتقدمة والتي بعضها يعاني للآن من عدم السيطرة على تبعات الجائحة.
وفي ظلّ هذه الأزمة العالمية؛ فإن السعودية بذات الوقت تعيش حرباً شرسة في الحد الجنوبي منذ ما يقارب ست سنوات على الإرهاب الحوثي عميل إيران، واستطاع الجيش السعودي الأبي بقطاعاته الجويّة والبريّة والبحريّة حماية حدودنا وصد مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة الإيرانية الصنع، التي يطلقها الحوثيون مخالفين كافة الأعراف والقوانين الدولية تجاه مواقع حيوية مأهولة بالمدنيين، وشاهد العالم الأسبوع الماضي الهجوم الإرهابي على مطار أبها الدولي الممتلئ بمسافرين من جنسيات مختلفة ومدنيين ولكن الحمد لله بقيت أبها كما الرياض، ومكة المكرمة وجازان، ونجران وخميس مشيط وجدة عصيّة على شرذمة الحوثيين وستبقى بإذن الله بجهود جيشنا السعودي ورجاله الذين يسهرون على حماية أمننا واستقرارنا، إلى درجة أننا لا نشعر كمواطنين ومقيمين بأننا نعيش حرباً ضروساً قدمنا فيها العديد من الشهداء الأبطال -رحمهم الله-من أبنائنا في الحد الجنوبي.
ليس ذلك فقط، فهناك حربٌ أخرى تخوضها السعودية ضد الفساد والفاسدين؛ وكل من يملأ جيوبه من أموالنا العامة أو يسيء استخدام النفوذ أو ينهض بمشاريع فاسدة في مختلف الوزارات؛ كائناً من كان دون أي استثناء، آخرها قبل يومين؛ بإيقاف 65 مواطناً ومقيماً منهم 48 موظفاً من وزارات الدفاع والداخلية والقروية والإسكان ورئاسة أمن الدولة وغيرها من الجهات الحكومية لتورطهم في تهم الرشوة واستغلال النفوذ والتزوير، بفضل جهود مباركة وموفقة من هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تحت متابعة دقيقة من سيدي ولي العهد الملهم للقضاء على الفساد والذي يعتبر آفة توجع الشعوب وتهضم حقوقهم.
وماذا أيضاً؟ النهوض بمشاريع اقتصادية وطنية وسياحية وتنموية وتطويرية وتعليمية وثقافية ضخمة بدأت بها الرؤية السعودية 2030م وتستمر دون توقف؛ بجانب مشاريع ضخمة بالمليارات في توسعة الحرمين الشريفين تضمن للمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام الراحة والعبادة المطمئنة، فيما تبني السعودية مدناً جديدة بدأتها بـ»نيوم» و»القدّية» وصولاً إلى «ذا لاين» مؤخراً؛ وكل ذلك في ظلّ ما يعيشه العالم من تراجع وتأخر وأزمات اقتصادية إثر جائحة كورونا، وما نعيشه من حربنا ضد الحوثيين وضد الفساد وضد الإرهاب والتطرف الذي تبذل فيه رئاسة أمن الدولة جهوداً استباقية مميزة، وفي ظلّ ما تحققه وزارة الداخلية والنيابة العامة من أمن واستقرار داخلي، فكل يوم يبعث فينا الفخر بجهودهما في متابعة كل من يمس أو يتجاوز أمن الآخرين معنوياً أو لفظياً أو جسدياً أو ماديا سواء على أرض الواقع أو العالم الافتراضي؛ فما هي إلا ساعات قليلة ويكون في قبضة رجال الأمن.
والكثير الكثير مما يحصل في السعودية ويبعث فينا الفخر كسعوديين بوطننا العظيم والحب لقيادتنا والوفاء للحمتنا الوطنية.