· في العام 1914 اندلع حريق هائل في معامل المخترع الأميركي الشهير توماس إديسون في مدينة نيو جيرسي، كان الحريق هو أسوأ كارثة تحدث للرجل الذي كان يبلغ حينها 67 عامًا، فقد كان من الصعب أن يرى عمله المتراكم ومختبراته التي حققت 1093 براءة اختراع؛ ويعمل بها 7 آلاف موظف وهي تتحول الى دخان .. لكن المخترع العجوز فاجأ الجميع بقوله: «غداً سأبدأ من جديد». لم تكن هذه العبارة مجرد شعار أجوف، فبعد يومين فقط من الحريق اخترع أديسون كشافًا يعمل بالبطارية، مستلهماً ذلك من ملاحظته أن رجال الإطفاء كانوا يواجهون صعوبة في الرؤية أثناء إطفاء الحريق.. لقد حوّل أديسون المأساة إلى مصدر للإلهام ونقطة للانطلاق، وهذا شأن العظماء، يستلهمون البداية من رحم المآسي، ولا يرتهنون للنهايات المفاجئة.
· أسوق هذه القصة القديمة لكل الشبان الذين تصلني رسائلهم تباعاً وهم يئنون تحت وطأة آثار جائحة كورونا الاقتصادية بعد أن فقدوا أعمالهم أو وظائفهم. إن الإخفاقات والنجاحات، والنهايات والبدايات وكل ما بينهما من أحداث هي مكونات ضرورية لنمونا كبشر، والصدمات القوية يمكن أن تكون حافزًا لإجراء تغييرات كبيرة في حياتنا، إنها سبب قوي يجعلنا نتوقف وننظر حولنا لنرى ما الذي يجب علينا تغييره، فنحن في خضم الركض الحياتي المستمر نعلم أن بعض الأمور قد تحتاج الى تغيير، لكننا كثيراً ما نفتقر للشجاعة لإجراء تلك التغييرات.
· غيّر موقفك، تتغيّر نتائجك، ولا تنظر لحجم دمار الكارثة الى الحد الذي يعيق قدرتك على التطلع للبدء من جديد او تغيير المسار، ولا تجعل هول الفاجعة يؤثر على القرارات التي يجب عليك أن تتخذها.
· في دراسة قديمة عن الحظ، وجد الباحثون أن من نسميهم بالمحظوظين لا يملكون شيئاً أكثر من أنهم يرون العالم بشكل إيجابي وقلوب متفتحة للاقتناص، مما يمنحهم فرصاً كان سيضيعها الأشخاص الذين يعتقدون أنهم غير محظوظين.. ولو لم يكن (إديسون) متيقظًا أثناء اشتعال النيران في معمله، فلن يلحظ كيف واجه رجال الإطفاء صعوبة في رؤية الدخان. لقد ظل الرجل إيجابياً حتى وهو في عمق المأساة، مؤمناً أنه يستطيع بالفعل أن يبدأ في الغد من جديد، والحق أنه بدأ منذ تلك اللحظة في إعادة بناء ما فقد.
· النهايات المفاجئة التي قد تبدو سيئة في نظرك يمكن أن تكون بداية لنِعم كبيرة، إنها اختبار حقيقي للصبر والقوة والشجاعة.. ليس المخترعون الكبار فقط هم من يمكنهم البدء من جديد، كلنا نستطيع ذلك، وهناك قصص لا حصر لها عن أشخاص فقدوا وظائفهم، ثم وجدوا طريقهم إلى مهن نجحوا بها أكثر.
الدرس الرئيسي الذي تعلمه هؤلاء وتعلمناه منهم هو كيفية توجيه تركيزهم للبدء من جديد.
· في كثير من الأحيان يأتي الخير من السيئ، وهناك فرص حقيقية حتى في الكوارث، بشرط أن نجعل النهاية السيئة هي الوقود الذي يدفعنا نحو بداية جديدة.