عشنا زمناً ونحن نتحدث عن السياسة والمتقدمين في ممارستها، حتى نعتنا دولاً بأنها العالم الأول، فظلمنا غيرها حتى نعتناها بالعالم المتخلف، وعشنا زمناً ننكر ما للأمم من ذكاء وقدرة ومساهمة في بناء هذا العالم وحضاراته المختلفة، وجاء عصر لا قيمة فيه لأحد سوى للعالم الأول الذي افترى على الأمم وبدأت تظهر المظالم في سائر هذا العالم، وأصبحت الأمم كلها معزولة على هذا العالم وحضارته، ولم يبقَ لأحد فيه مكان إلا لهذا العالم الأول الذي أسال الدماء فيه أنهاراً وأنكر حقائق دول العالم كلها وكأنه يدعي أنه واهب الحياة لها، وهو ليس كذلك، فما منح العالم إلا مزيداً من الفقر لمعظم دوله وأممه واستبد بثرواته مدعياً أن لا مالك لها سواه ، فهو المخترع وهو الرائد في هذا العالم يتصرف فيه كما يشاء، وزادت المظالم حتى لم يعرف لها العالم مثيلاً من قبل، ونُهبت ثرواته، وتسلط عليه فئة لا تعرف للعدل معنى أبداً، ونشأت بيننا فئات تُعجب بأهله وتدعونا لتقليده رغم علمها بجرائمه.
هذا العالم المدعي أنه عالم أول يريد أن يخضع له العالم كله ويستمتع بثرواته وأن يفعل به ما يشاء ما دام سلاحه يلاحق العالم أجمع، يُصنّعه ويبيع أردأه في أغلب الأحيان على مَن سواه، إلا على الأمم التي نضجت واكتشفت خداعه.