· لو فتشت في سجلات حياة الناجحين لوجدت ملفات وأضابير ضخمة تحكي عن تجارب عديدة من الفشل والتعثرات التي لو استسلموا لها -خصوصاً في البدايات- ما أصابوا شيئاً من نجاحاتهم التالية التي يغبطهم عليها الجميع!. يقول مالك (برج خليفة) أنه تلقى خسائر فادحة في أول محل صغير أقامه لبيع (الكيك) ثم تلقى ضربة أخرى في ثاني محاولاته لبيع (الأحذية)، لكن هذه البدايات السيئة لم تمنعه من أن يكون اليوم مالكاً لشركة عقارية عملاقة، يقدر رأس مالها بمليارات الدراهم.. وكأنه يريد أن يقول لنا: أنت لست ملزمًا بماضيك، وفشلك بالأمس لا يعني أنك ستفشل اليوم أيضاً، لأن الشخص الذي كنت تمثله بالأمس لا يجب أن يكون هو الشخص الذي تمثله اليوم، أو هكذا المفترض.
· التعثرات في البدايات صعبة، لكن ما هو أصعب من التعثر هو النظر إلى تجاربنا (غير الناجحة) كدليل على استحالة تحقيقها في المستقبل، واعتبارها دليلاً عملياً على افتقارنا للقدرة والكفاءة، مما يؤثر بشكل سلبي على مستويات الطموح والشجاعة والثقة في نفوسنا نحو إعادة الكرّة والمحاولة من جديد.. وكأننا نفرض ماضينا على حاضرنا ومستقبلنا بكل قسوة.. ولعلك تعرف شخصًا أو أكثر عاشوا حياتهم كلها أسرى لآثار تجربة غير ناجحة، مستسلمين لفكرة السلامة من خسائر المغامرة، قانعين من الغنيمة بالإياب، ومقتنعين بأنهم ليسوا مؤهلين ولا قادرين ولا حتى مستحقين لإعادة التجربة.. هذا ما يحدث عندما تسمح لإخفاقاتك بإقناعك بعدم كفاءتك بدلاً من النظر إليها كدروس وفرص للتعلم والنمو وتوسيع مداركك.
· الإنسان بطبعه يتجه نحو كل ما يعتقد أنه ينتج له أقل قدر من الخسارة والمعاناة.. هذه هي المعادلة التي يتحرك من خلالها معظم البشر، وتسير بها الحياة، وهي ذات المعادلة التي تجعلنا نتجنب الأشياء التي تخيفنا ما لم يرعبنا البديل أكثر.. لذلك فان التغلب على مشاعر الخوف والشك وكل ما يمكن أن يعيقك عن النهوض من جديد بحاجة لإعادة تصنيع الدافع بداخلك من جديد، ولاشك أن الخطوة الأهم في تأهيل نفسك لصناعة هذا الدافع بعد كل عثرة، تكمن في قبولك لفكرة أنه لا يجب عليك أبداً أن تترك الفرصة لترسبات ماضيك كي تحد من مستقبلك.
· تجاربنا غير الناجحة هي أفضل معلّم وموجّه لنا نحو العودة المظفرة لطريق النجاح بشرط أن نستخدمها للتحسين والتطوير والنمو، وليس كدليل إثبات على أننا غير قادرين، وغير مؤهلين لإعادة التجربة.. وهذا بدوره يتطلب أن نثق في أنفسنا، وأن نؤمن أن ما كنّا عليه بالأمس لا يمكن أن يحدد أبداً ما يمكن أن نكون عليه اليوم أو غداً.