أصدقائي مميزون بأفعالهم وأقوالهم ولزماتهم، ولن أتحدث عن أفعالهم لأنها كثيرة كما أنني لا أتحدث عن أقوالهم لأنها محادثات كبيرة ومقابسات كثيرة، لكنني سأتحدث عن بعض لزماتهم أي الأدعية التي يكررونها في كل مكالمة، فهذا أبو صالح يقول: «الله يصلحك يا أحمد» ، أما أبو راشد فيقول: «الله يحفظك» ، وأم عبد الله تقول: «الله يغفر لك»، وأم فوزية تقول: «الله يرحمنا ويرحمك»، وكل هذه الأدعية جميلة ومميزة، ولكن الجملة التي أحب أن أسمعها دائماً هي عبارة شيخنا رجل الأعمال والآمال «أبو سامي العنقري» لأنه في كل اتصال يردد على مسمعي عبارة «بارك الله فيك» عدة مرات.
حقاً إنني أحب هذه الكلمة لأنني من «شلة البسطاء والدراويش» الذين يؤمنون بالبركة، ويعتقدون أن البركة تجلب الخير، ويكفي أن عيسى بن مريم كان سعيداً بالبركة التي نالها ويفاخر بها حيث جاء على لسانه في القرآن الكريم «وجعلني مباركاً أينما كنت».
حين تدعو لأحدهم وتقول: بارك الله فيك فأنت تعطيه الخير من كل جوانبه، ذلك الخير الذي يشمل بركة العمر وبركة المال وبركة الوقت وبركة الرزق...إلخ.
لقد بدأت أفتش في كتب العلماء عن مفهوم البركة، فوجدت ما يشرح الصدر ويوسع الخاطر ومن ذلك عبارة ابن القيم حين قال: «ليست سعة الرزق والعمل بكثرته، ولا طول العمر بكثرة الشهور والأعوام، ولكن سعة الرزق والعمر بالبركة فيه»، أما نجيب محفوظ فيقول: «عندما تحل بنا بركة النَّشوة يملؤنا اليقين فلا نسأل عن شيء»، ولم يقف مفهوم البركة عند العلماء والأدباء بل وصل إلى الفلاسفة، حيث يقول الفيلسوف باروخ سبينوزا : «إن البركة ليست مكافأة على الفضيلة ولكنها فضيلة في حد ذاتها» أكثر من ذلك لقد توقفت كثيراً عند عبارة الإمام علي بن أبي طالب حيث قال: «كونوا في الناس كالنحلة في الطير، إنه ليس في الطير شيء إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها»، أما الأديب جاكسون براون فيقول: «الراحة ليست دائماً في تحقيق ما تريد بل في كمية البركة التي لديك».
حسناً ماذا بقي:
بقي القول بالله تأملوا عبارة «بارك الله فيك» إنها تعني جمال المعنى وموسيقى المبنى، فهي جملة عريقة في معناها العفوي، وهي أخاذة في معناها اللغوي، لذلك أتمنى من كل من يقرأ هذا المقال أن يختمه بالدعاء لي قائلاً «بارك الله فيك».
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
