شاهدت الأسبوع الماضي على شاشات التلفزيون واليوتيوب كثيراً من البريطانيين يحتفلون في مقاهي ومطاعم وحدائق لندن بخروجهم الى الحياة العامة بدون قيود الحظر التي فرضتها جائحة كورونا. عدد كبير منهم تخلوا عن الكمامات وجميعهم تخلوا عن شروط التباعد في الجلوس واللقاء وتبادل الحديث.. بالمقابل ارتفعت أصوات السلطات الرسمية البريطانية تحذر من أن مخاطر كورونا لم تنته بعد وأنها قد تعيد النظر في شروط خروج الناس، ولم يشفع للبريطانيين نجاحهم في تطعيم أكبر عدد من مواطنيهم بين دول أوربا. ويواصل العالم تخبطه فيما إذا كنا نستطيع أو لا نستطيع التخلص من قيود كورونا وسط ارتفاع أعداد المصابين بالمرض لمن لم يتم تطعيمه حتى مع نجاح حملات التطعيم، والتي، أي حملات التطعيم، تعاني من نقص في أعداد اللقاحات المتوفرة لدى دول كثيرة تأخر معظمها في تسجيل طلباته من الشركات المنتجة للقاحات إما لسوء إدارة أو لعجز مالي، وفازت عدد من البلدان بكميات كافية مثل السعودية من اللقاحات نتيجة للإدارة الناجحة فيها لمكافحة الوباء. التساؤل الذي يلح علينا هو: بعد أن نتلقى اللقاح بجرعتيه هل نصبح محميين من الإصابة بكورونا؟.. ويؤكد الأطباء أن الحماية قائمة فعلاً، وحدثني صديق مصري أن زميله سافر الى مصر بعد أن أكمل التلقيحين ولكنه فوجئ عند الفحص بعد عودته أن نتيجته كانت إيجابية إلا أنه لم يتأثر بالداء وما عمله هو البقاء في البيت حتى لا يصيب بالعدوى أي أشخاص يلتقيهم ولا يكونون قد تلقوا اللقاح. وقد نشرت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية تحقيقاً عن مدينة ووهان الصينية التي انطلقت منها الجائحة تقول إن المدينة عادت الى حياتها العادية حيث تخلى الناس عن لبس الكمامات وأصبحوا يلتقون في جماعات وينتقلون بوسائل المواصلات بدون تباعد ويرتادون المطاعم والشواطىء والأندية والمقاهي، وتسعى الدولة الى جعلهم ينسون ما حدث والمضي في حياتهم العادية. حيث نجح الحزب الشيوعي الصيني في السيطرة على العدوى وإعادة الحياة إلى ووهان أكثر من أي مدينة أخرى في العالم، وتحتفل الدولة بالنصر حتى والمواطنون يكافحون مأساة فقدان من قتلهم المرض.
وأطلقت الدولة على المدينة شعار «مدينة الأبطال».
وقد أتاح النظام الصيني الأوتوقراطي للدولة معالجة الوباء ونتائجه بسرعة أكبر من الدول الديموقراطية. إذ قام الصينيون بإجراء فحوص للمقيمين في ووهان وعددهم أحد عشر مليون شخص خلال عشرة أيام وشيدت المستشفيات في أوقات قياسية وجلبت الأجهزة من مختلف أنحاء البلاد وجرى وضع الحواجز التي تقطع المدينة الى أجزاء وأقفلت المدينة بسكانها الأحد عشر مليون نسمة، وتم تجنيد الجيش الى جانب القوات الأمنية للسيطرة على حركة الناس وعلى إرغام وسحب المرضى من بيوتهم الى المستشفيات المؤقتة.. وهي أمور ما كان يمكن للحكومات في الدول الديموقراطية (أميركا وأوربا) وفي دول أخرى، فعلها، حيث لازالت الملايين في عدد من مدن العالم مكبلة حركتها بسبب مخاطر الجائحة ومطاعمها مقفولة وكذلك مراكزها التجارية ومكاتبها.
وفي كل الأحوال فإن ما شاهدناه في لندن ووهان وغيرها من مدن في مختلف أنحاء العالم وما نعيشه في بلادنا من نجاح كبير في الحرب ضد الجائحة يبشر بأن الأمل في نجاح العالم في هذه الحرب قريب وليس ببعيد وأن المتوقع أن يبدأ العالم الآن تعاوناً فيما بين دوله لتوفير اللقاح للجميع حيث لا يتوقف الوباء على الحدود بل ينتشر الى ما وراءها مما يحتم الحماية ليس في كل بلاد على حدة وإنما بحماية شاملة عابرة للحدود.