لم يكن تمكين المرأة السعودية إلا أحد أهم أهداف القيادة الرشيدة، ومنذ تأسيس الدولة السعودية المباركة على يد الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- مروراً بأبنائه الكرام الذين وقفوا ضد التيار المتشدد في تعليم الفتاة بل وفتحوا لها أبواب العلم على مصراعيه لتكون شريكة في البناء والتنمية. وجاء عصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان الذي أرسي دعائم تمكين المرأة بالرؤية الثاقبة 2030م حيث تبوأت المرأة السعودية مكانة عالمية.
ومن القامات اللاتي يفخر بهم الوطن قامة علمية أكاديمية رسمت طريق المجد بفرشاة الانتماء، إنها صاحبة السمو الأميرة الجوهرة بنت فهد آل سعود التي تشرفت بالتعرف عليها من خلال العمل في المجلس الاستشاري لرواد المسجد الحرام؛ سيدة تبهرك بآرائها القيمة التي تعمل على الارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن ومنها مؤخراً الملتقى الذي عقد بعنوان: (أهمية تطوير العمل النسائي وأثره على القاصدات) الأربعاء 25/8/1442هـ وشاركت فيه سموها بورقة علمية بالإضافة إلى سعادة د. ميمونة بنت الخليل، وكانت هناك كلمة توجيهية من معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي د.عبد الرحمن السديس لمنسوبات الوكالة للشؤون التطويرية النسائية.
قدمت سموها في تلك الورقة الكثير من المقترحات الهادفة ومنها ضرورة قياس أداء الموظفات لأن ما لا يمكن قياسه لا يمكن تطويره وكذلك ضرورة الاستفادة من (هاكثون الحج) لتوظيف التقنية الحديثة في خدمة الحجاج والمعتمرين، وزيادة العناصر النسائية المؤهلة لتنظيم دخول القاصدات للمسجد الحرام، كما اقترحت إنشاء إدارة للأطفال التائهين وإتاحة الفرصة للمتطوعات في المجال الصحي والعمل ضمن الهلال الأحمر السعودي في المصليات النسائية.
تتصف سموها بالفكر الوثاب وهي حاصلة على دكتوراه في الآداب وعلوم اللغة العربية وعملت مديراً لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن حتى عام 1432هـ؛ هذه القامة العلمية والأكاديمية تذهلك بتواضعها الجم وتقبلها لكل الآراء في المجلس. والأجمل من ذلك كله هو عشقها للغة العربية التي تخصصت فيها وأبدت الكثير من الغيرة عليها؛ فقد حضرت لها أمسية ثقافية الثلاثاء 2/3/2021 بعنوان: (مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على اللغة العربية لمستخدميها في المملكة العربية السعودية) والتي نظمتها مجموعة (قضايا وطنية)؛ وهي مجموعة أنشأها الاعلامي القدير عبد المحسن التويجري منذ عام 2015م وتقدم أنشطة ثقافية، وعلمية، وأدبية في موضوعات الساعة وما لقاء سمو الأميرة الجوهرة الا أنموذجا للقامات والموضوعات؛ فالورقة تهدف إلى الحفاظ على اللغة العربية التي هي لغة التراث والحضارة الإسلامية لأن قوة اللغة هي قوة للأمة الناطقة بها والعكس صحيح.
كما اشتملت الورقة على إحصائيات دقيقة لمستخدمي الشبكة العنكبوتية من السعوديين وفي جميع مواقع التواصل حيث بلغت نسبة المستخدمين في عام 2020م 93%
، وقد كشفت الدراسة عن الازدواجية لبعض المستخدمين وهي ما اسمته بـ(العربزي) وهو استخدام الحروف اللاتينية في الكتابة العربية سواء في الفيس بوك، أو تويتر كما اسمت الشبكة العنكبوتية (بالشابكة) وترى ضرورة تعريب الكلمات الجديدة في التقنية وتتحمل ذلك المجامع اللغوية للتقليل من الكلمات الأعجمية التي طغت على اللغة العربية نتيجة للانفتاح التقني. بل أظهرت الدراسة حجم الأخطار في الصرف والنحو، والأخطاء الاملائية بل ضعفاً في ترابط النصوص إما نتيجة للسرعة في الكتابة أو الرغبة في السخرية أو عدم التدقيق قبل إرسال النص.
ولعل من أهم التوصيات لسموها هي: الاهتمام بإعداد معلمي اللغة العربية، وإصدار تشريعات تلزم وسائل الاعلام بضرورة استخدام اللغة العربية الفصحى، بل تشجيع استعمالها للطلاب في جميع المؤسسات التعليمية ومؤسسات الدولة. لقد كان لقاءً ثرياً من جوهرة الحرف والكلمة، وهكذا هي في كل لقاءاتها.. إنها إحدى النماذج النسائية اللاتي يفخر بهن الوطن.