لقاء عجيب غريب ومتفرد.. أجيل نظري قليلا باحثًا عن زعيم عربي أو إقليمي أو دولي يخاطب مواطنيه بتعدد طبقاتهم واهتماماتهم بهذا المستوى من الوضوح والتركيز والإحاطة والبساطة والتنوع في عدد الموضوعات والاهتمامات.. فلا أجد إلا القليل جدًا في العالم الأول والانعدام الكامل في العالم الثاني والثالث..
ولو كان غير سموه (من قادة الفكر أو السياسة) من تحدث بهذا التمكن لرأينا كيل المديح والتقديس قد تجاوز كل الحدود..
كان زعماء النزعات القومية والاشتراكية وإضرابهم هم القادرون على هذا الظهور وقضاء كثير من الوقت أمام المايكات.. كانوا يبيعون الوهم ويدغدغون العواطف ويلهبون المشاعر ولكن بلغة الانطباعات والشموليات والعنتريات والأحلام والمثاليات الزائفة التي كانت تلقى رواجًا.. لأن الناس أكثرهم بسطاء ويسهل استغلالهم آنذاك..
لكن الانجذاب هنا وحضور الاهتمام ليس من هذا النوع البئيس البائد.. ولكنه نوع جديد وقوي وأخاذ وخلاق في نفس الوقت..
إنها لغة يحضر فيها الرقم الذي يقود إلى المصداقية.. يحضر فيها التسلسل المنطقي لسرد حقيقة الحدث بلا تكلف ولا تصنع.. تحضر فيها الصراحة والوضوح في الوسيلة..
والصلابة والقوة في الهدف.
كان الطرح ناقدًا.. في كل اتجاهات الأحداث غير متردد ولا متوان عن وضع النقاط فيه على الحروف..
تخفف اللقاء كثيرًا من عباءة الدبلوماسية التقليدية الفضفاضة التي يضيع تحتها أس الحقيقة وأساسها..
الفئات المستهدفة من الطرح هي الكل بلا استثناء..
توزعت الرسائل شديدة الوضوح على كل محاور الاهتمامات الشعبية والرسمية الدينية والاقتصادية وكذلك الاجتماعية والبيئية، وما السياسية عنها ببعيد..
التدفق في الحديث ليس نابعًا من البلاغة اللفظية المتكلفة بقدر ما هو نابع من الإحاطة البليغة بكل تفاصيل المشهد الوطني والتشبع من دراسته ووضوح مواطن الخلل فيه.. وحضور برنامج الإصلاح التنفيذي الإجرائي المتمكن..
لأول مرة أسمع عن معايير نفسية دقيقة وعميقة في النفس البشرية في معايير اختيار المسؤول تتجاوز الكفاءة والتمكن إلى الشغف بالشيء..
لأن الشغف هو وقود المبدعين والمخترعين والملهمين في عالم الإنسان وهو يعني أن لا يهتم الشغوف بكل ما يهتم به الإنسان العادي وعلى رأس الاهتمامات العادية (شهوة جمع المال) وليس بين عيني الشغوف إلا شغفه فقط لذلك يعتبر الأمر مبدأ وقضية حياة، فلا تسل عن إبداعه بعد ذلك..
لو أراد مراقب ما أن يختصر الكلام الذي دار في هذا اللقاء فلن يستطيع لأن الكلام كله زبد مختصرة وخالية من الإضافات والتبهيرات والحشو المصطنع..
ومن أهم ما يجذب الانتباه هنا أن الحديث كان عن نتائج كلام وعد أن يتحقق قبل خمس سنوات (أي أنه كان معلقًا في الهواء) يدعو المحب بالعون على تحقيقة.. ويتشمت الحاقد والمعادي باستحالة تنفيذه.. وهذه النتائج كانت مبهرة وصادقة ومحدده بالأرقام يشهد عليها أطراف محايدة وعدوه في آن معًا...
بادرت دول كبرى وشخصيات سياسية معتبرة أمميًا ومنظمات نافذة للتعليق على هذا اللقاء وإبداء الإعجاب به والاستفادة من مخرجاته ونتائجة.. في وقت قصير جدًا.
لم يستطع الأعداء والحاقدون على مستوى الدول والمنظمات والأحزاب أن يخفوا حنقهم من هذا النجاح المبهر فغلى المرجل بما فيه..
أما السعوديون فهم حكاية أخرى.. يحبون ويعظمون ويثقون بقيادتهم.. فرحين بمستوى هذا الإنجاز الذي ساهموا في بنائه وتشييده..
ومشاعر الغبطة من إخوتنا وجيراننا من العرب لم يخفها نعيق ونهيق قنوات ومعرفات وأحزاب ومجموعة من الخونة (المعارضين) هنا أو هناك.
الطريق للوصول إلى أهدافنا ليست طويلة حتمًا.. وهي أيضًا ليست شائكة.. مع قائد شغوف يؤمن بالله ثم بشعب عظيم لم يخترقه زيف الفوضى الخلاقة المبشر بها، ولم يستسلم لشرق أوسط جديد يصنع تفاصيله الأعداء.
إنه شرقنا الذي نبنيه بإيماننا وقوة عقيدتنا وتمسكنا بقيادتنا، نعتز فيه بكل تفاصيلنا توحيدًا ولغة ولباسًا وشهامة.. حماك الله ياسيد الشباب وحمى والدنا خادم الحرمين الشريفين.