استحوذ لقاء سمو الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد المتدفق شباباً وحيوية، على القلوب والعقول، صحيح لم يكن مفاجئاً ذلك الحضور، فقد أثبت ولي العهد، حضوره المبهر في كل اللقاءات المتلفزة السابقة، لكن هذا اللقاء مختلف، في كمية القضايا التي طُرحت، من خلال أسئلة المديفر الذي استطاع أن يطرح الأسئلة بتسلسل منطقي، دون ارتباك أو إرباك للأسئلة وهو في حضرة ولي العهد، وهذا يؤكد هذه البساطة التي ينتهجها سمو ولي العهد في كل لقاءاته وظهوره أمام الكاميرات.
بساطة في الملبس والجلوس والحديث، تشعر بدفء قربه، كأخ، صديق، قريب، هو هذا الأنموذج القدوة للشباب، عندما يصلون إلى مراكز وظيفية قيادية، يقدمون أنفسهم ببساطة، بدون نعرة الكراسي والمناصب، وبدون بشوت، وابتسامات مصطنعة أمام الكاميرات، ومن خلفها التجهم والتعامل مع الجمهور بتعالٍ ونفور.
هذا الأمير سليل الملوك، هكذا بسيط وعميق، ملم بكل تفاصيل الشؤون الاقتصادية، والإدارية، الدينية والقضائية، العلاقات الخارجية والدبلوماسية، كيف لا يمثل القدوة الحسنة للشباب السعودي، وأتمنى أن يقتدي المسؤولون في كافة القطاعات بهذه البساطة التي انتهجها ولي العهد، الأمير الشاب الذي يظهر بدون مبالغة بل بمنتهى البساطة، حتى المكان كان مبهراً بأناقته وبساطته.
الاقتصاد، والسياسات الاقتصادية، أخذت الحيز الأكبر من اللقاء، لأن الاقتصاد هو المحور الرئيس لنمو الدولة وازدهارها، كذلك هو الهم الأكبر للمواطن، الذي يتلمس طريقه في ظل الأخبار التي في معظمها اشاعات وتضخيم أو عدم فهم لبنود رؤية 2030، لذلك لم يترك سمو الأمير شاردة ولا واردة إلا وتناولها بالشرح والتوضيح، والأرقام.
هذه الأرقام والنسب المئوية التي تدفقت بسلاسة على لسان الأمير، دون التوقف ليراجع ورقة أو ينظر في حاسوب أو يستعيد رقماً ليصححه، توضح أن خلف هذه الإنجازات التي تحققت خلال هذه السنوات القليلة عقل وجهد قائد ملهم، وروحاً شابة متوقدة بالتطلعات لوطن كبير، قوي ومزدهر، ومواطن منجز مواكب لحركة التقدم السريعة، وفي نفس الوقت يتمتع بجودة الحياة في كل تفاصيلها.
تسلسل إجابات الأمير حول الفرص الاقتصادية الطموحة في كافة المجالات الصناعية والسياحية والاستثمارية، والتوسع في توفير الإسكان للمواطنين، بعد أن كان المواطن يقبع في قائمة الانتظار لأكثر من خمسة عشر عاماً، تأكل عمره، وتحطم حلمه، أصبح الآن يمكنه الحصول على المسكن المريح الذي تتوفر فيه كافة الخدمات في وقت قياسي.
وقع على عاتق الأمير الشاب، تصحيح أخطاء عشرات السنوات من العمل دون خطط ودون مركز للتنسيق بين عمل الوزارات، مما أعاق تنفيذ كثير من المشاريع، وأربك التنمية، بل أدى إلى عجز بعض الوزارات تنفيذ المشاريع التي رصدت لها الميزانيات الضخمة كمشاريع الإسكان، إلا أن خمس سنوات منذ انطلاقة الرؤية عدلت مسارات كثيرة، وأنجزت هذه الإنجازات العظيمة التي أصبحت مفخرة للوطن والمواطن.
بالرغم من نجاح المديفر في طرح الأسئلة بتسلسل وعمق إلا أن إجابات الأمير كانت سريعة وافية شافية، مثلاً عندما طرح هذا السؤال حول الرؤية: هل نسير بسرعة بمعنى حرق المراحل؟ كانت إجابة الأمير مبهرة، قال: «أمامي فرص وأستطيع تحقيقها إذا لم أتمكن من تحقيقها أصبح متقاعس»،
هي هذه الرؤية التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة التي أصبحنا مبهورين بما تحقق لنا من إنجازات في مختلف القطاعات، وربما قطاع الصحة والاتصالات أو التقنية، والحكومة الإلكترونية، جعل حياتنا أكثر سهولة.
بالنسبة للضريبة، كان تعبيره عن أنها إجراء مؤلم، يعبر عن مدى عمق إحساس الأمير بالمواطن ومعاناته، لذلك أكد على أن هذا الإجراء لفترة قصيرة لتحقيق مستقبل أفضل، أي أنه قرار مؤقت، ربما سنة أو سنوات قليلة، لمصلحة الوطن والمواطن، فاتخاذ قرارات قاسية لسنوات قليلة لاستمرارية النمو المستدام وزيادة الدخل مستقبلاً، مالية مستقرة بدون استنزاف، الاستدامة هي الأهم، الحفاظ على المدخرات للوصول إلى النمو والازدهار، أمير يبني مستقبل أبنائنا وأحفادنا برؤية ثاقبة وإرادة قوية وعزيمة صلبة.