أنجبت مدينة جدة التاريخية عددًا من الشعراء البارزين ممن ألفوا أعمالهم بالفصحى أو ممن صاغوا كلمات أغانيهم باللهجة الحجازية الجميلة التي تعتبر ملكة اللهجات العربية لرقتها وجرسها وموسيقاها الناعمة.
ومن أهم شعراء مدينة جدة التاريخية الذين صاغوا كلماتهم باللغة المحكية، وكان لي حظ معاصرتهم: الشاعر القدير أحمد قنديل -رحمه الله-، والشاعر الغنائي صالح جلال -رحمه الله-، والشاعرة الغنائية ثريا قابل التي نسيها الإعلام، وتحتاج لمن يكتب سيرتها ويدون أعمالها الشعرية الرائعة، ولا مانع لدي من القيام بهذا العمل.
وكان الشاعر صالح جلال من صاغة الكلمات الذين عرفتهم في شبابي في إذاعة جدة لشهرته ورواج أغانيه التي غناها كبار المطربين آنذاك مثل طلال مداح وفوزي محسون -رحمهما الله-.
وكانت الإذاعة والتلفزيون السعودية تبث أغانيه التي تصور رومانسية أهالي مدينة جدة التاريخية، وتعبر عن الكلمات التي كان يرددها روميو وجوليت الجداويان من خلف رواشين بيوتها الرائعة الجمال وفي أزقتها الترابية المتعرجة التي تربط حاراتها الأربعة.
وكانت أغنيته التي تغنى بها المطرب فوزي محسون تتردد على كل لسان «سبحانه» التي قال فيها:
سبحانه وقدروا عليك..
وخلوك تنسى أحبابك
ولا بتسأل علينا خلاص..
قفلت في وجهنا بابك
وينطبق المثل السائر «ابن الوز عوام» على ابنه جلال صالح جلال، فقد فاجأنا بتأليف أغنية وطنية جميلة جدًا، وهي أغنية بعنوان «سم أبو سلمان سم» يقول فيها:
سم أبو سلمان سم..
ما تقوله نقول تم
سيد الرأي السديد..
والجديد بعد الجديد
وقامت الفنانة القديرة عزيزة جلال بأدائها بشكل مثير للإعجاب بالكلمات والأداء والحماسة المناسبة للأغنية.
ومن الجدير بالذكر أن عبدالرحمن باحمدين هو الذي قام بتلحين الأغنية بشكل مناسب لصوت عزيزة جلال.
ولا أنسى في هذه العجالة أن أنوه بأخلاق الشاعر جلال صالح جلال حيث يتميز بالأدب الجم والرقة كأنه نسمة من نسمات الربيع، ويتحلى بالتسامح والرفق والصدق والحب المتدفق للجميع دون تفرقة.