قبل حكم الدولة السعودية الأولى وأثناء حكمها ثم حكم الدولة السعودية الثانية كانت الجزيرة العربية -المملكة العربية السعودية حالياً- في تلك الفترة بما في ذلك منطقة الحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة كانت تعيش حالة اقتصادية متدنية لعدم وجود موارد طبيعية وثروات مكتشفة ترفع من قدراتها التطويرية للإنسان والمكان وكان أفراد مجتمعها في تلك الفترة يشكون الفقر المدقع والتشتت والتشرذم والصراعات القبلية، وبالرغم من القيمة الدينية التي اختصها الله بها بوجود الحرمين الشريفين إلا أن بعض الدول العربية المجاورة التي كانت تعيش رغد العيش وارتفاع الموارد لم تقدم أي عون اقتصادي لإقامة مشاريع زراعية أو صناعية بما في ذلك مشاريع تخص الحرمين الشريفين، عدا ما قدمته الدولة العثمانية من فتات المشاريع التي كانت تكسب من خلالها أضعاف ما تقدمه.
ولكن بعد أن توحدت المملكة العربية السعودية بقيادة المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه ومنحها الله الكثير من العطاء والفضل والكثير من الثروات تغير الحال وبدأت النهضة الحضارية برمتها تتنامى بتسارع مذهل حتى تحولنا خلال 90 عاماً إلى أحد أهم دول العشرين الأعلى اقتصاداً في العالم وتحولت مدننا إلى مصاف مدن الدول المتقدمة وتحول الإنسان السعودي إلى أحد صانعي الحضارة في العالم وأصبح بناء الحرمين الشريفين من أجمل وأرقى المباني ذات الخصوصية الدينية في العالم.
وخلال تلك الفترة التي أراها قصيرة جداً في معيار رحلة الحضارة العالمية تحولت هذه المنطقة الصحراوية إلى منطقة صناعية تقع في مصاف الدول المتقدمة بل إن المملكة أصبحت ممولاً رئيساً للمشاريع في كافة البلدان العربية والإسلامية بالإضافة إلى مليارات الريالات التي تقدمها لتلك الدول كمعونات اقتصادية واجتماعية وصحية. وهنا يمكن إجراء مقارنة بسيطة بين ما قدمته المملكة العربية السعودية لتلك الدول بعد نهضتها ونمو اقتصادها وبين ما قدمته تلك الدول للمملكة عندما كان الحال الاقتصادي للمملكة محدود الموارد وكان الحال الاقتصادي لتلك الدول في قمة انتعاشه، بالطبع، سنجد الحال مختلفاً تماماً، فالمملكة فاقت العطاءات التي تقدمها الوصف والتقدير وهذا حتما يؤكد مكانة وقيمة المملكة العربية السعودية وحكامها وشعبها ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو حاقد أو حاسد. والله من وراء القصد.