خلال أقل من 48 ساعة، وقع حريق ضخم مصفاة نفطية جنوبي طهران، وسبقه حريق بأكبر سفينة حربية إيرانية غرقت على إثره، وقبل ذلك بساعات، قتل طياران بسبب خلل فني في طائرة إيرانية مقاتلة. والأسباب مازالت "غامضة" ولم تعرف حتى الآن رغم التحقيقات، وهذا ليس كل شيء، منذ يوليو من العام الماضي وإيران تشهد حرائق وانفجارات غامضة، بعضها في أكثر المواقع والمنشآت حساسية، مثل منشآة نطنز النووية. تمثل هذه اللائحة الطويلة التالية من الحرائق والانفجارات والحوادث الغامضة، علامات استفهام كبيرة في إيران، وتربك الحكومة الإيرانية أمام شعبها، وتضعها أمام مأزق داخلي غير مسبوق. كما تؤكد أيضا على هشاشة البنية الأمنية الإيرانية، وإمكانية اختراق أكثر المرافق الإيرانية حساسية وشن هجوم عليها. بداية، أعلنت وسائل إعلام إيرانية أمس الأربعاء أن حريقا ضخما اندلع في مصفاة نفطية جنوب العاصمة طهران. وقال مسؤول للتلفزيون الإيراني الرسمي إن الحريق بدأ في خط الغاز الطبيعي المسال بمصفاة "تند كويان" في طهران، دون ورود تقارير عن وقوع إصابات جراء الحادث حتى الآن. ووقع الحريق في المصفاة بعد بضع ساعات من اندلاع حريق في أكبر سفينة تابعة للبحرية الإيرانية وغرقها في خليج عمان.
حوادث متفرقة
فقد غرقت، الأربعاء، أكبر سفينة تابعة للبحرية الإيرانية، في خليج عمان بعد أن اشتعلت النيران فيها الثلاثاء في ظروف غامضة، حسبما ذكرت وكالات الأنباء شبه الرسمية. وقالت وكالتا أنباء فارس وتسنيم الإيرانيتين شبه الرسميتين إن الجهود فشلت في إنقاذ سفينة الدعم اللوجستي العملاقة "خرج". وكانت السفينة "خرج"، وهي سفينة بريطانية الصنع تم تدشينها عام 1977، قد انضمت إلى البحرية الإيرانية عام 1984 بعد مفاوضات مطولة عقب الثورة في إيران عام 1979. ووفقا لقناة العالم التلفزيونية الإيرانية، فإن "خرج" تهد أكبر سفينة دعم لوجستي تابعة للجيش الإيراني، وتزن 33 ألف طن، وقد تم استبدال المراجل وأنظمة الدفع بصورة كاملة في هذه السفينة كما ان منظومات ومعدات أخرى جرى تطويرها. كما يبلغ طولها 207 أمتار وعرضها 26.5 مترا وسرعتها نحو 39.8 كيلومترا في الساعة. وتضم السفينة منصة لهبوط المروحيات كما تحمل على متنها 4 مدافع و4 رشاشات من عيار 12.7 مليمترا، بحسب قناة العالم. والثلاثاء أيضا، لقي طياران حربيان إيرانيان مصرعهم بسبب "مشكلة فنية" تعرضت لها طائرتهما القاتلة، بحسب ما ذكر التلفزيون الإيراني الرسمي. وأوضح التلفزيون الإيراني، أن الطائرة المقاتلة، وهي من طراز "إف–5" تعرضت لمشكلة فنية في قاعدة دزفول الجوية، الثلاثاء، وتسبب بمقتل الطيارين. وكشفت وكالة أنباء فارس أن الخلل الفني الطارئ الذي تعرضت له المقاتلة الإيرانية من طراز "إف-5" سببها "التشغيل المفاجئ للمقعد المقذوف للطيار أثناء تحضيرها قبل طلعة جوية. وقالت الوكالة إن خبراء فنيين فتحوا تحقيقا في سبب الحادث الذي تسبب بمقتل الطيارين، وهما العقيد كيانوش بساطي والنقيب حسين نامني. لم تقدم إيران أي معلومات حول سبب الانفجار في مايو الماضي في مصنع بمجمع سكني إيراني في أصفهان كان قد أدى إلى إصابة عدد من العمال. وأفادت وسائل إعلام إيرانية إن 9 أشخاص على الأقل أصيبوا من جراء انفجار، تبعه حريق، في "مصنع للكيماويات والألعاب النارية" في إقليم أصفهان بوسط البلاد. ونقلت وكالة "مهر" الرسمية للأنباء عن عباس عبدي، المتحدث باسم الطوارئ الطبية في أصفهان قوله إن "سبب الانفجار بمصنع سيباهان نارغوستار للكيماويات لا يزال قيد التحقيق.. نقل 9 مصابين إلى المستشفى". غير أن صحيفة الغارديان البريطانية، كشفت في خبر لها إن انفجارا كبيرا وقع في مجمع يضم مصنعا لتصنيع الطائرات بدون طيار الإيرانية. وأضافت الصحيفة أن الشركة الإيرانية لصناعة الطائرات "هيسا" (Hesa)، التي تنتج مجموعة متنوعة من الطائرات والطائرات بدون طيار للقوات الإيرانية والموالية لإيران، توجد في المجمع الذي تملكه شركة "سبهان نارغوستار" للصناعات الكيماوية.
انفجارات وحرائق
وفي أبريل الماضي أيضا، اتهمت إيران، إسرائيل بالوقوف خلف هجوم استهدف مصنعاً لتخصيب اليورانيوم في نطنز، ملمحة إلى أنه ألحق أضراراً بأجهزة الطرد المركزي وتعهّدت بـ"الانتقام.. في الوقت والمكان" المناسبين. وأعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وقتها أن منشأة نطنز النووية تعرّض لـ"حادث"، وُصف بأنه "إرهابي" أدى إلى "انقطاع التيار الكهربائي" ولم يسفر عن "وفيات أو إصابات أو تلوث". وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية آنذاك، نقلا عن مصادر استخباراتية، إن الهجوم على منشأة نطنز الإيرانية نجم عن انفجار دمر بشكل كامل نظام الطاقة الداخلي الذي يزود أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض التي تخصب اليورانيوم. ولطالما كانت منشأة نطنز النووية هدفا للهجمات الإلكترونية، ففي يوليو 2020، تعرضت المنشأة لحريق كبير، خلف أضرارا جسيمة ودمر بحسب تقارير مختبرا فوق الأرض يتم استخدامه لإعداد أجهزة الطرد المركزي المتقدمة. وأكدت منظمة تكنولوجيا المعلومات التابعة للحكومة الإيرانية بعدها بأيام، تعرض عدد من المؤسسات الحكومية الإيرانية لهجمات إلكترونية كبيرة، وأبرزها البنية التحتية الإلكترونية للموانئ في البلاد. وفي العام 2020 أيضا، شهدت إيران سلسلة انفجارات وحرائق "غامضة" في محيط منشآت حساسة منها مرافق عسكرية ونووية وصناعية إيرانية. ففي 26 يونيو من العام الماضي، وقع انفجار شرقي طهران بالقرب من قاعدة بارشين العسكرية، وقالت السلطات إن سبب الانفجار تسرب من منشأة للغاز في منطقة خارج القاعدة. وبعد هذه الحادثة سجلت طهران انفجارا بمنشأة طبية في شمالي العاصمة طهران، أسفر عن مقتل 13 شخصا وإصابة 6 آخرين. وفي أوائل يوليو، أكدت السلطات الإيرانية أن "حادثا" تسبب في تدمير مبنى قيد الإنشاء بالقرب من محطة نطنز للطاقة النووية، وأشار مسؤولون إيرانيون إلى أن الحادث، الذي لم يعلن عن طبيعته أو سببه، لم يصب مفاعلها بضرر. ومع اقتراب نهاية الأسبوع الأول من يوليو، وقع انفجار في منطقة باقر شهر جنوبي طهران، مما أدى إلى مقتل شخصين على الأقل وإصابة ثلاثة بجروح، بالإضافة إلى خسائر مالية داخل المصنع، وبالمباني المجاورة. وتطورت الانفجارات لتصل للمباني السكنية، حيث هز انفجار جديد بسبب تسرب الغاز في أحد المباني في العاصمة الإيرانية طهران، وتسبب بإصابة شخص. ومع نهاية الأسبوع الثاني من يوليو، أعلنت إيران عن وقوع انفجار في أحد المصانع المنتجة للمكثفات الغازية في منطقة كاويان الصناعية التابعة لمدينة فريمان، على بعد 75 كيلومترا من مدينة مشهد شمالي شرق البلاد. وفي 12 يوليو، التهم حريق منشأة للمواد البتروكيماوية جنوبي غرب البلاد، كما أكد شهود عيان، في 11 يوليو، سماع انفجارات مدوية في مدينتي قرمداره وقدس غربي طهران، تسبب أحدها في انقطاع للتيار الكهربائي، الأمر الذي نفته السلطات في إيران. وفي 19 هذا الشهر، أكدت وسائل إعلام إيرانية أن حريقا كبيرا اندلع في ميناء بوشهر، مشيرة إلى احتراق 7 سفن على الأقل في مصنع عائم جنوبي الميناء، من دون وقوع ضحايا.