كان لرحيلك مذاق الفجيعة يا صديقي الإنسان، وما توقعت أبداً أن تكون أنت الراحل والمغادر إلى الرحمن الرحيم، فما أرحم الله وما أعظم الله الذي خلق الموت والحياة، ولأن الفراق موجع والأيام التي عاشها ابنك البار ريان وعشتها معه لحظة بلحظة لم تكن عادية أبداً بل كانت هي القلق والخوف والهلع والسهر والركض في كل الاتجاهات معك من أجل إنقاذك!!، يا لها من أيام مقلقة حيث كنا ندخل في منحدرات الخيبة والألم أحياناً وأحياناً نستبشر بالمعطيات التي تصلنا من الأطباء بتحسن حالتك لتأتي بعدها أنباء أخرى محزنة ومبكية، كان ريان وأمه وأسرتك يعيشون معك التعب لحظة بلحظة، وما كنا نتوقع أبداً أن رحلتك سوف تنتهي بنا الى عالم الصمت واللحود!!، وماذا أقول بعد؟!.
طلال باغر يا سادتي لم يكن موسيقاراً فقط، بل كان رجلاً مملوءاً بالخوف من الله، وإنساناً مسكوناً بالحب والإنسانية والوطنية والحرص على الآخر الذي كان يعني له كل شيء وكان يشاركه بساطة الود والفرح والحياة، كانت علاقتي به كأخ وصديق وقريب وزميل من تاريخ عملنا في إدارة العلاقات العامة في الخطوط السعودية، تلك الأيام البيض لطلال الإنسان الهادئ والوديع والرائع والطيب والمحب للخير، وامتدت علاقتنا مع الزمن وتطورت حتى أصبحت علاقة أكبر من أن ينهيها الغياب وأجمل من أن تكتبها الحروف أو تحكمها لغة المصالح، ولكم أن تتصوروا حجم ألمي اليوم حين أتذكر صوته ومكالماته تلك التي سبقت يوم دخوله المستشفى، والتي زادت عن عشرين مكالمة وكأنه كان يودعني، وكأنه كان يريد أن يقول لي سوف أغادركم يا صديقي إلى عالم آخر وصمت آخر وحياة أخرى.
(خاتمة الهمزة).. ابني الغالي المهندس ريان طلال باغر كنت ابني وسوف تبقى نِعْم الابن الذي لم يترك والده لحظة أبداً، وثقتي في أنك بإذن الله سوف تتجاوز محنتك بصبر وإيمان، والشكر لله أولاً ومن ثم لسعادة أخي الكريم الدكتور خالد الثمالي المشرف العام على مجمع الملك عبدالله، هذا الرجل الذي بحق يخدم الوطن بإخلاص ويجاهد ويكافح الفيروس بشجاعة، وبأمانة أقولها إنه بالفعل إنسان رائع حيث قدم للراحل «طلال» كل ما بوسعه وهو يقدم والفريق الطبي والعاملون معه خدمات صحية وإنسانية ووطنية مشرِّفة، وكلمة (رائعة) هي والله أقل بكثير مما يقدمونه وأجرهم على الله. رحمك الله يا طلال وأسكنك فسيح جناته.. وهي خاتمتي ودمتم.