من حقّ المواطنين السعوديين الذين تعرّضوا لمعاملة سيئة من موظّفة الاستقبال في مطعمٍ تركيٍ يعمل في مدينة دبيّ الإماراتية أن يعترضوا عليه، لكنّ وسيلتهم للاعتراض كانت أسوأ بكثير من المعاملة التي تعرّضوا لها، إذ دفعوا ضِعْف تكلفة الطعام (١٥٠٠) ريال دون أن يأكلوا منه شيئاً، ثمّ صوّروا مقطع فيديو لهم وهم يستغيثون كمن لا حول له ولا قوّة بصاحب المطعم المُقيم في تركيا، الشيف التركي المشهور «بُراق» وهو صاحب مطعم «المدينة» في مدينة اسطنبول، أو كالمرأة العربية التي استغاثت بالخليفة العبّاسي «المعتصم» فنادت نداءها الشهير «وامعتصماه»!.
فما هكذا تُورّد إبل الاعتراض من المواطنين الأعزّاء، لأنّ الاعتراض الصحيح يكون باللجوء إلى الجهة الرسمية المعنية بالمطاعم في المكان الذي وقعت فيه المعاملة السيئة، وهي هنا الجهة المسؤولة عن السياحة في دبيّ، أو بحلّ المشكلة وُدّياً مع مدير المطعم، أمّا أن ينادوا «وابُراقاه» ويدفعوا ضِعْف تكلفة الطعام (١٥٠٠) ريال، ثلاثة ورقات جديدة من فئة الـ٥٠٠ ريال، كلّ واحدة تُعانق الأخرى، دون أكله، فهذه «فشخرة» يتّصف بها للأسف بعض المواطنين في الخارج، وتُعطي انطباعاً سيئاً عنّا نحن معشر السعوديين بأنّ «فلوسنا» كثيرة جداً، مثل الرُزّ، ويتقمّصنا قميص الحيرة في وسيلة إنفاقها على الذي يستحقّ والذي لا يستحقّ، بينما الواقع هو غير ذلك، وأنّ هناك منّا من لا يستطيع السفر من أصله، ولو لدبيّ فضلاً عن تركيا، وليس لديه (١٥٠٠) ريال يُنفقها على وجبة طعام واحدة، وإن كانت لديه فيُنفقها على علاج ضروري أو على فواتير خدمات مرتفعة أو على إيجار شقّته السكنية، وربّما توفّرت له (١٥٠٠) ريال لكن بدون صِفْر واحد أي (١٥٠) ريالًا أو بدون صِفْريْن أي (١٥) ريالًا يشتري بهما دجاجة شوّاية واحدة أو ساندويشات حُمّص وطعمية، وحاله مستورة بفضل الله!.
مثل هؤلاء المواطنين مدعوّون لتقدير نِعَمِ الله، وعدم تبذيرها، ونبذ «الفشخرة» وأخواتها وبنات خالاتها، وتحسين صورتنا أمام العالم، وأن يكونوا خير سفراء لنا، فهذا واجب وطني ينبغي التطبّع به، وهذه هي الأخلاق السعودية الأصيلة.