* يربط كثير من خبراء الادارة بين التواضع الإداري عند مدير أو قائد المنظمة من جهة، وبين الكفاءة ومحبة العاملين وزيادة الإنتاجية من جهة أخرى.. فما هو التواضع الإداري.. وهل يختلف عن التواضع في العلاقات والتعامل الإنساني؟!
* اذا كانت الأشياء تتمايز؛ وتُعرّف أحيانًا بأضدادها؛ فلعل من الأسهل أن نُعرّف التواضع الإداري من خلال نقيضه وهو (الغطرسة أو العجرفة الإدارية) التي تعني الاعتقاد الواهم عند بعض قيادات المنظمات أنه الوحيد القادر على التفكير الصحيح لتسيير المنظمة وصناعة النجاح، وهذا ما يقوده بالضرورة إلى ما يسمى بـ(الإدارة النرجسية) وهي التي لا يهتم فيها المدير سوى بنفسه ودائرته الضيقة، على حساب كل الكفاءات الادارية المحيطة به، من خلال الانفراد بالقرار وفرض الهيمنة، وصولًا للتهميش والتضييق وربما العدائية والكذب والتشويه ونصب المكائد والفخاخ للعاملين.. وكلها دلالات على ضيق الأفق ومحدودية الفكر وعدم الثقة في النفس.
* وإجمالًا يمكن تلخيص المهارات والصفات التي يتسم بها القادة المتواضعون في التالي:
1- يعتبرون أن جميع العاملين شركاء لهم في النجاح، كما أنهم يميزون بين الآراء الشخصية والحقائق، ويظهر هذا من خلال استخدامهم عبارات مثل: «من وجهة نظري» أو «الطريقة التي أرى بها هذا الأمر هي» بدلًا من قول: «هذا المنهج لن ينجح»، أو «هذه فكرة غبية»!.
2- لا يجدون حرجًا في كشف آرائهم (حتى وان كانت غير مكتملة) كما انهم منفتحون على التحديات ومناقشتها مع الآخرين.
3- يستمعون بجدية إلى أفكار وآراء الآخرين، ويحاولون تفهم سبب أفكارهم وتصرفاتهم.
4- لا يجدون أي غضاضة في السؤال «ما الذي لا أعرفه؟» أو «ما الذي أفتقده؟»
* قوة التواضع إذًا؛ هي التي تصنع الفارق في النجاحات، ففي الوقت الذي يتميز فيه القادة المتواضعون بعقليات متفتحة ومنفتحة تحترم كل موارد المنظمة البشرية وتشركها في التخطيط والتفكير واتخاذ القرار بما في ذلك وجهات النظر المخالفة، تبقي القيادات المتغطرسة على القرار في يد قلة قليلة؛ متوهمة أن قوتها تكمن في تسلطها وانفرادها بالقرار، وفي حين يستمتع القادة المتواضعون بنجاحاتهم مع كل شركائهم، يُلقي نظراؤهم المتعجرفون باللوم على الآخرين في حالات الفشل المتوقع المتمثل في ضعف الإنتاجية، تسمّم بيئة العمل، النفاق الوظيفي...الخ.
* لا علاقة للغطرسة الإدارية بما قد يظهره بعضهم من تواضع أخلاقي في التعامل الإنساني، كما أن التواضع الوظيفي ليس مرادفًا لضعف الشخصية، بل على العكس هو أمر متصل بزيادة الثقة في النفس، فعقلية المدير المتواضع تعرف جيدًا وجهات نظرها، لكنها تميل للاستقصاء المباشر وغير الخجول احترامًا للشركاء، وزيادةً في دعم القرار، وهذا منهج واثق يدعو إلى الحوار والتعلم.
* المدير المتعجرف هو عدوٌ لنفسه أولًا، وعدو لكل العاملين معه.. والأشد وبالًا انه عدو للمنظمة التي يديرها، فهو خانق للابتكار، قاتل للإبداع، مبطئ للإنتاج ومهدر للموارد والطاقات.. وحتى إن بدت لك الأحوال ظاهريًا وكأنها جيدة، فتأكد أنها في الواقع عكس ذلك تمامًا.