حين يخوض غير المتخصصين في قضايا الشأن العام، فإن الأمر يزداد تشابكاً ويسبب لغطاً بين الغالبية، خاصة حين يرتبط ذلك بالقضايا الصحية، وحتى لا يتم تداول هذه القضايا عبر العطَّار والبقَّال أو بعض من يبحثون عن الشهرة، يلزم الاطلاع على المواقع الطبية الشهيرة كموقع مايو كلينك، وموقع جامعة هوبكنز بولاية ميريلاند، وغيرهما كثير، لعل من أهمها المصادر السعودية الرسمية، وتحديداً وزارة الصحة، فلا يجوز لغيرها أن يتجاوزها ويقدم معلومات تمثل رأي الأقلية، وتُحدِث بلبلة وحيرة في صفوف الأغلبية، وقد تُحدِث شروخاً في المجتمع غير مرغوب فيها.
ولعلنا نتوقف هنا مع ذلكم الخطاب الذي تم تداوله عبر مواقع التواصل والذي بعث به الأخ شريف الرويشد صاحب مكتب محاماة إلى وزير الصحة بشأن اعتراضه على إلزامية الحصول على اللقاح للحضور إلى مقرات العمل.
ومع تقديري لما احتوته رسالته من معلومات واستشهاده ببعض الأنباء التي كانت تتردد في الأوساط العالمية والاتهامات الإعلامية والسياسية المتبادلة بين بعض الدول كالولايات المتحدة والصين وروسيا وغيرهم وما أسماه البعض بالحرب الباردة الجرثومية، والتناقضات التي نلحظها بين وكالات الأنباء وحتى منظمة الصحة العالمية، وبصرف النظر عن أحقية الفرد في التعبير عن رأيه إلَّا أن الأمر يحتاج أيضاً إلى معرفة آراء أخرى استندت عليها لإيضاح بعض الحقائق والبديهيات في هذا الشأن، لعل من أهمها ما ذكره الزميل الأستاذ منصور النزهة استشاري أمراض القلب ومدير جامعة طيبة الأسبق، وتتلخص في ما يلي:
1.نحن نتعامل مع فيروس قاتل خاصة لبعض فئات المجتمع ككبار السن ومن لديهم أمراض مزمنة.
2. الشركات التي صنعت اللقاح من عدة قارات من أمريكا وأوروبا وآسيا، ومن الصعب للعقل أن يتقبَّل نظرية المؤامرة لقتل البشر.
3. الدولة المتهمة الأولى بنظرية المؤامرة هي أمريكا وهي الدولة الأولى عالمياً في عدد الإصابات.
4. عدد الإصابات عالمياً تجاوز 170 مليون مصاب، والوفيات تجاوزت ثلاثة ملايين ونصف.
5. سرعة تصنيع اللقاح ساعد عليه التقدم الكبير في التقنية مقارنة بالسابق والمنافسة على سرعة التصنيع.
6. الآثار الجانبية بسيطة، أما الخطيرة مثل الجلطات فنادرة جداً جداً، والمجمل في صالح أخذ اللقاحات للحفاظ على أرواح الناس.
7. إلزامية أخذ اللقاح من اختصاص ولاة الأمر، وهم من حقهم الأخذ بما يرونه مناسباً في صالح شعبهم، وفي ضوء ما يتوفر لهم من معلومات علمية مثبتة.
ونحن هنا لا نصادر حق أحد في إبداء الرأي استناداً إلى تقديم الدليل العلمي، ولكن ما لا نتقبله هو أن يتصدى غير المتخصصين للإدلاء بآراء في قضايا تهم الغالبية ومحاولة إضفاء صفة (الشمولي والمطلق) عليها، ليسلِّم الآخرون بصحتها، مما يثير البلبلة واللغط في الأوساط الاجتماعية..
فهل يتنكب هؤلاء عن هذا النهج، الذي يجعل من يتصدى له (كالمُنبتِّ.. لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى)؟!.