Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

400 عام من عراقة التراث في «سوق السبت» ببلجرشي

400 عام من عراقة التراث في «سوق السبت» ببلجرشي

A A
يحتفظ «سوق السبت» بمحافظة بلجرشي بمنطقة الباحة، بمكانته التاريخية منذ أربعة قرون؛ إذ لا يزال يعقد في مكانه وزمانه منذ ذلك الحين ويختزن بداخله قصصاً وحكايات ترويها عراقة التراث القديم، وشعبية المكان ذي الإرث الكبير، الذي حافظ عليه أهالي المنطقة. ويعد سوق السبت التاريخي من أكبر أسواق المنطقة الشعبية، ولا يزال يحتفظ برونقه التاريخي وطابعه القديم لأكثر من 400 عام، وقد كان السوق مقصداً تجارياً مهماً وموقعاً للصلح بين القبائل والخصوم، ومقصداً لطلب العلم، وموقعاً مهماً للتبادل التجاري، وممراً للحجاج العابرين عبر جبال السروات ذهاباً وإياباً. ولا يزال السوق منذ ذاك الزمن، ينعقد في موقعه القديم مطلع كل أسبوع حتى يومنا، إذ يجتمع فيه الباعة والمشترون رجالاً ونساء، يعرضون بضائعهم المصنعة محلياً والمستوردة، إضافة إلى ما تنتجه مزارعهم، وللنساء نصيب من سوق السبت، حيث يحضرن لبيع البيض البلدي والحمام والدجاج وبعض الورقيات، فيما شاركت الأسر المنتجة في إعداد العديد من الأكلات الشعبية والموائد الطازجة التي تشتهر بها منطقة الباحة.

نشأة السوق

ونظراً لموقعه المميز في طريق الحجاج ووسط القرى المحيطة وسهولة وصول البضائع إليه من مرفأ القنفذة البحري، عبر عقبة حميدة وقوافل الحجاج القادمة من اليمن، فقد كان الموقع نقطة التقاء لعرض السلع، وكان الأهالي يعرضون ما لديهم من حبوب وثمار وفواكه، مما تنتجه أرض الباحة ودواجن ومواشٍ، ويشترون الحلي والصبغيات والأواني الفاخرة من تلك القوافل، وزادت شهرة السوق في تطبيق معايير صارمة للمتلاعبين بالمكاييل والموازين، وضبط النظام داخل السوق، فضلاً عن كونه منتدى ثقافياً لنقل أخبار القرى والقوافل.

كانت القبائل تقصد السوق سيراً على الأقدام أو على دوابهم، ويعرضون ما لديهم من منتجات زراعية وأدوات الحرث والجنابي والسكاكين وبعض الملبوسات ومصنوعات الخصف، وكان الحجاج اليمنيون يقصدون السوق ويبيعون ما لديهم من البن والهيل والحبوب، ليعينهم على إتمام فريضة الحج، كما كان التجار يفدون إليها بجمالهم المحملة بالبضائع من أسواق الحبشة والسودان والقنفذة والمخواة ويسوقونها في السبت.

حرمة السوق

كان للسوق حرمته وهيبته، فيمنع الاعتداء على أحد في حرم السوق، أو إشهار السلاح وحتى الثأر ينتهي داخل السوق، لذا نشأ ما يعرف «بعقادة السوق» وهو اصطلاح كان يقال في السابق لما يعرف حالياً بمجلس إدارة السوق، ومن اختصاصهم حل المشكلات التي تحدث في ساحة السوق، وخاصة القبلية منها، ما أكسب السوق استقراراً دائماً وشهرة واسعة وجعله مقصداً لجميع المتبضعين والتجار وعموم أبناء المنطقة والمناطق المجاورة، ومراقبة الموازين والمكاييل، ومن يخالف تلك الأنظمة يعاقب ويشهر به في السوق.

ملتقى القبائل

كان السوق في الماضي ملتقى للقبائل ووسيلة لنقل الأخبار، حيث يصعد من يمتلك موهبة الخطابة والبلاغة على سطح أحد الدكاكين وسط السوق تُعرف بـ»البدوة» لإلقاء خطبة، ومن ثم يسرد الأحداث والأخبار، ويذكر فيها بالتشريعات المنظمة للسوق والعقوبات الرادعة لمن يخالفها.

منتجات أرض الباحة

وأشهر ما يباع الآن في السوق البقوليات بأنواعها والعسل والسمن والريحان والكادي والطيور بأنواعها والغلف الذي يجلب من صدور جبال تهامة، والبن والهيل والبهارات والقطران المستخرج من شجر العتم «الزيتون البري»، وبعض الصناعات اليدوية والملبوسات النسائية والمشغولات اليدوية والبخور. ومن أبرز ما تنتجه مزارع بلجرشي اللوز والمشمش والخوخ والتفاح والليمون، وأنواع أخرى من الخضروات والقمح والشعير والرمان والعنب، كما يشتهر أهلها بإنتاج وبيع العسل، لذا تم تأسيس جمعية للنحالين تنظم مهرجاناً دولياً تشارك فيه أكثر من 50 دولة، ومعرضاً مصاحباً للمهرجان يضم معرضاً للتسوق والترفيه.

«المسعارة»

وفي السوق لكل نوع من البضائع قسم وخانة في السوق فهناك «المسعارة» لكل أنواع الحبوب وما يباع بالكيل وآخر للنجارة، وقسم ثالث لبيع الآلات والجنابي والهراوات ومعدات الزراعة، وقسم لبيع السمن والعسل، وقسم آخر للحطب، وخصص موقع لبيع المفارش الصوفية، وآخر لبيع الخضار والفاكهة ومكان لبيع المواشي.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة