* يقول: قضيت ساعة في البنك مع والدي، حيث كان يريد تحويل بعض المال، لم أستطع مقاومة نفسي وسألته: «لماذا لا نقوم بتفعيل الخدمات المصرفية عبر الإنترنت يا أبي؟!» فسألني بدوره: «ولماذا أفعل ذلك؟» قلت وأنا متحمس لإدخاله عوالم الإنترنت: «لكيلا تضطر للذهاب للبنك كلما أردت خدمة، ولكي تقوم بالتسوق من غرفتك دون عناء، ولأن كل شيء سيكون سهلاً ومريحاً للغاية بالنسبة لك!››.. سأل بتعجب: «ولكن إذا فعلت ذلك فلن أخرج من منزلي؟».. قلت بزهو وكنت أظن أنني قد نجحت في اقناعه: ‹›نعم، ويمكنك أيضاً طلب طعامك، وجميع أغراضك، وستأتيك لباب البيت».. صمت ثم صدمني بالقول: «يا بني منذ دخلت هذا البنك اليوم، التقيت بأربعة من أصدقائي، وتحدثت مع الموظفين الذين يعرفونني جيدًا، أنت تعلم أنني أعيش بمفردي، وهذه هي الصحبة التي أحتاجها، لهذا أحب بل وأنتظر الذهاب للبنك وإلى البقالة والمقهى.. لديّ ما يكفي من الوقت، وهذه هي اللمسة الواقعية التي أحتاجها وأتوق إليها».. ثم أضاف: «هل تذكر عندما مرضت قبل عامين، لقد جاء أصدقائي ومنهم صاحب البقالة لزيارتي، هل سأحصل على تلك اللمسة الإنسانية إذا أصبح كل شيء في حياتي افتراضياً على الإنترنت؟ لا أريد تسليم حياتي إلى الإنترنت والتطبيقات، أود معرفة الأشخاص الذين أتعامل معهم، فهذا يخلق علاقات إنسانية، لا تقدمها لي أمازون ولا تطبيقات الإنترنت وآلات البيع الصماء هذه». * هذه قصة كتبها أحد المدونين، ونقلتها لكم بشيء من التصرف لأنها تجسّد حال معظم أهل الأرض اليوم.. فشكل الحياة يتغير يوماً بعد يوم في كل المجتمعات تقريباً، ووتيرة التغير تزداد سرعة كل يوم.. حياتنا اليوم تختلف كثيرًا عن تلك التي كنا نعيشها قبل 10 أو حتى خمس سنوات مضت!، الإنترنت يكسب المزيد والمزيد من المساحات على حساب حياتنا التفاعلية الإنسانية، التطبيقات والباعة الآليون صاروا أكثر قرباً منا، على حساب البشر الحقيقيين، كورونا وقيودها ساهمت في ذلك أيضًا، لقد أصبح كل شيء من حولنا ينذر بتحول لذيذ ومريح، لكنه مسيء جداً على المدى الطويل لصحتنا الجسدية والنفسية والاجتماعية. * وسائل التواصل جميلة ومسلية، ومفيدة في بعض الأحيان، لكنها ليست حياة متكاملة ولا مقنعة ولا مشبعة لمشاعرنا وعواطفنا الإنسانية، فلا تجعلها تسرق حياتك الحقيقية.. عِش حياتك الطبيعية ما استطعت، اهرب بعواطفك وحاجاتك الإنسانية ولو لساعات قليلة كل يوم نحو البشر، حتى وإن كان ذلك داخل أسرتك ومحيطك الصغير.. تخلص من هاتفك عندما تجالس من تحب. * لا تكن حبيس التطبيقات والافتراضية الموحشة.. اقضِ حاجاتك بنفسك ولا تستعمل التطبيقات إلا عند الضرورة القصوى، عش بين البشر وخالطهم حتى وإن اختلفوا معك؛ أو اختلفت معهم، ولا تسمح للتكنولوجيا أن تسحق مشاعرك، أو تخطف إنسانيتك وتحيلك إلى آلة صماء بلا مشاعر.