Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

الانقسامات أكبر المخاطر على وحدة الأوطان..!

A A
الوحدة الوطنية هي العامل المشترك والضامن الرئيس الذي لا يجب المساس به تحت أي ظرف من الظروف، ومهما كانت التحديات، وهو العقد الذي يعد أمانة في عنق كل مواطن عربي لأنه صمام الأمان ضد كل التقلبات والمخاطر، ومتى ما أدرك كل مواطن تلك الأهمية والمسؤولية ورفض المساس بها تبقى التفاصيل الأخرى مقدورًا عليها وفي غيابها يتعقد المشهد وتستعصي الحلول وتسود الفوضى وتستقوي الأطماع الفردية والتحديات الخارجية.

من هذا المدخل للحديث عن التشظي والتعقيدات والمصاعب التي تواجه عدداً من الدول العربية حتى أصبحت الحلول شبه مستعصية وتجر لتفكك وانهيار يمزق وحدة تلك الدول ويجعلها فريسة سهلة لأعدائها ويحرم شبابها من المستقبل الآمن والحياة الكريمة.

العراق منذ نصف قرن يعاني من الانقسامات الطائفية والحزبية.. سني، شيعي، بعثي، شيوعي.. في سوريا؛ سني، علوي، بعثي، إخواني، درزي، قومي، كردي، عربي. لبنان؛ مسيحي، مسلم، شيعي، سني، درزي.. اليمن؛ زيدي، شافعي، شمالي، جنوبي، شيعي، قبلي، إخواني.. ومصر بحكمة جيشها استطاعت أن تحبط الانقسام بين الاعتدال السني والإخواني والمسلم والمسيحي. وعندما تكون الظروف الاقتصادية في حالة انحسار يزداد عدد السكان وتنتشر البطالة وتتضاعف الصعوبات وتجتمع مقومات الانقسامات وتصعب الحلول والتوافق المدني وهذا ما يُشاهد في تونس وليبيا أيضًا والصومال. والبحث عن الحلول من الخارج غير مجدٍ عندما لا تكون البداية من توحيد الجبهة الداخلية والأمثلة صارخة في وجه أي محاولة لانتشال الدول المنكوبة من جحيم الفوضى.. مثل لبنان واليمن والعراق وسوريا على وجه الخصوص. ومشهد الانقسام يتكرر في فلسطين لأن أهلها يتصارعون على سلطة مازالت في حكم المجهول بدلًا من توحيد جبهة الصراع الداخلي مع العدو حتى يصبح لهم دولتهم المستقلة.

كل هذه الأمثلة من الانقسامات بأسبابها ومسبباتها أصبحت تهدد وجود الدول وسيادتها، شتت شعوبها.. وشردت الملايين من مواطنيها الذين أصبحوا عالة ومتسولين على أرصفة دول المهجر التي فروا إليها من جحيم أوطانهم.

هذا الطرح ليس بجديد ولا يخفى على أحد في عصر العولمة ولكنه لإلقاء الضوء على الخلافات والتصدعات التي أحدثت شروخًا عميقة في المجتمعات ولن تُجبر إلا بمواثيق وحدة وطنية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، كل دولة على حدة لكي تضمن تلك المجتمعات التعايش السلمي بالحد الأدنى والاختلاف في حدود المقبول الذي يرفع الضرر عن المواطنين ولا يوصل الأوطان إلى الفشل والانهيار الكامل. كما أن تعليق آمال كبيرة على حلول من الخارج ليس الطريق السليم ولا يضمن بأي حال من الأحوال التوافق المدني الذي يحترم حق كل مواطن بدون إجحاف في حق أحد الأطراف.

ومن مشهد الكوارث في تلك الدول المنكوبة المُشار إليها أيضًا دروس يُستفاد منها للدول التي لم تصل إليها عبثية الفوضى والانقسامات الضارة لأن التشوهات والأمراض المعدية أيًا كان شكلها تنتشر بسرعة ويصبح من الصعب السيطرة على أضرارها وإيقافها كما نرى في عدد من الدول العربية. كما أن ألم معاناة أي وطن عربي تصل أبعادها إلى كل مواطن عربي. حمى الله وطننا وولاة أمرنا من كل سوء.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store