الفساد والوباء متلازمان.. هذه هي خلاصة التقرير السنوي لمنظمة «الشفافية الدولية» حول قضايا الفساد في العالم.
يبدو واضحًا للجميع القاسم المشترك بين هذين المصطلحين وهو توظيف «المصلحة الشخصية» على حساب مصالح الدولة والمواطن، فقد ساهمت تلك الجائحة العالمية بتسارع وتيرة الفساد واستغلال الفاسدين لها حتى في أسوأ الظروف.
لعل ما حصل قبل يومين من كشف هيئة الرقابة ومكافحة الفساد عن أشخاص يعلنون عن تغيير الحالة الصحية للذين لم يتلقوا اللقاح مقابل مبالغ مالية، ما هو إلا تمرد على القوانين يجب أن لا يمر هكذا مرور الكرام، لما فيه من انتهاكات صريحة في التعدي على اختصاصات الدولة والتأثير على المصلحة العامة.
لقد أدركت المملكة مدى هشاشة أي خطوات متخذه في منهج الإصلاح دون ربطها في معالجة قضايا الفساد والمفسدين.
لا شك أن غياب الشفافية يشجع على الفساد، ويقوض جهود الاستقرار والعدالة المجتمعية، فالتراخي في ملف الفساد حتماً سيؤثر على المشهد السياسي والاجتماعي، في ظل نموّ ظاهرة الفساد ومحدودية دور المؤسسات الهامه فى التصدّى لهذه الظاهرة مما يجعلها تحظى بقبول اجتماعي، لذلك حرصت المملكة على منحها أقصى درجات الاهتمام.
ولعل ما يثير الدهشة والغيض هو تلاعب هؤلاء الفاسدين ومحاولاتهم الاستفادة من هذه الكارثة التي عجزت عن مجابهتها دول عظمى، تعمل جاهدة على احتوائها واتخاذ جُل التدابير للتصدى لحالة الطوارئ الصحية ولتجنب الانهيار الاقتصادي العالمي، فالخطر ما زال قائمًا.
على هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تكثيف الجهود أكثر في رصد وضبط كل من يتعدّى على المال العام أو يستغل وظيفتة لتحقيق مصلحتة الشخصية، ومساءلته حتى بعد انتهاء علاقته بالوظيفة، وهذا بالفعل ما صرحت به الهيئة كون جرائم الفساد المالي والإداري لا تسقط بالتقادم.
نعم (لا تسقط بالتقادم) فالماضي الأسود لأؤلئك المفسدين الذين أُتخمت بطونهم بالرشاوي، والاختلاس وتبديد المال العام، ومجاملات الأقارب في ملف التوظيف، واستغلال السلطة، واستعمالها في مصالح خاصة، يحب أن يفتح على مصراعيه ويتم التحقيق فيه، فكم من أناس انتهكت حقوقهم بسبب موظف فاسد استباح منصبه ظنًا منه أن فعلته البشعة تلك ستمر دون رادع و يكون مصيرها طي النسيان.
أرجوكم قبل أن يبتلعنا ثعبان الفساد، اخرسوا تلك الألسنة المثيرة للبلبلة، واقطعوا تلك الأيادي التي امتدّتْ بحقدٍ وكراهية وطمع، لا تأخذكم بهم رأفة ورحمة في مصلحة الوطن.