حاولت أن أذهب بعيدًا عن تونس وأنشغل بأي شيء عنها، وأنسى ما قاله فخامة الرئيس قيس سعيد في اجتماعه مع زعماء مؤسسات تونسية، إلا أنني لم استطع تجاوز ذلك الحديث المملوء بالألم والصبر والحكمة والمسئولية والشجاعة في التصدي للخطأ بعد نفاذ الصبر بالرغم من التحذير تلو التحذير، وحديثه الذي أوجزه بلسانه الفصيح حين قال «استشرى الفساد وصارت اللقاءات تتم مع من هم مطالبون للعدالة ومع من نهب ثروات الشعب التونسي بأي حق وبأي مقياس، كنت أعرف الكثير وأنا ملازم للصمت لأنني آثرت أن احترم المؤسسات كما جاء بها الدستور ومازلت إلى حد اليوم متمسك بالنص الدستوري» ومن ثم قال بمرارة وحزن «لقد حولوا الانفجار الثوري غير المسبوق في تونس إلى غنيمة وتم السطو على إرادة الشعب بنصوص قانونية وضعوها على المقاس كما أرادوا لاقتسام السلطة، نكلوا بالشعب التونسي تنكيلاً مستمرًا متواصلاً في حياته اليومية ومعاشه والتعليم والصحة والحد الأدنى لحقوق الإنسان واعتقدوا أن الدولة لقمة سائغة والفقير المدقع ليس إنسانًا وليس له أبسط الحقوق المشروعة لحفظ كرامته الإنسانية» ودعا التونسيين إلى عدم المواجهة في الشارع مشيرًا إلى أن هناك من يصطاد في الماء العكر..
كل ما تقدم ويأتي من لا يفقه في السياسة ويقول عن قرارات الرئيس أنها انقلاب وأي انقلاب أكبر مما جرى للتونسيين الذين بالفعل عاشوا مع حزن النهضة الذي ذهب بأحلام التونسيين إلى أبعد من الخيال الذي (لا) يمكن أن يقبل أن تموت آمال الناس وأحلامهم بنظام لم يفكر أبدًا في أن للصبر حدود..
(خاتمة الهمزة).. كل كلمة قالها فخامة الرئيس قيس سعيد في خطابه هي واقع مؤلم دفع به إلى قرارات حاسمة ومفصلية كل همها أن ترد للإنسان التونسي حقوقه وكرامته المسلوبة المنهوبة.. وثقتي في أن الشعب التونسي قادر على تجاوز الأزمة.. حفظ الله تونس من كل شر.. وهي خاتمتي ودمتم.