Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

زُليخة وزُليخة!!

A A
لا أستلطف اسم «زُليخة» الذي يعود في أصله إلى الأسماء المصرية، وكان ينتشر بين الأقباط القُدامى كثيراً، وهو من الزلخ الذي يعني التقدّم في المشي، أو الأرض الملساء التي تُسبّب الانزلاق، وارتبط أيضاً بالمرأة الخارقة الجمال، ولا يُوجد مانع من التسمّي به في الإسلام!.

في السابق، وعندما كُنْتُ أسمع الاسم أتذكّر امرأة عزيز مصر في زمن النبيّ يوسف عليه السلام، وكانت رمزاً للمرأة الكائدة، إذ كادت له بمراودته عن نفسه وهو الطاهر العفيف بعد أن عاينت جماله الملائكي، وكادت له باتهامه بأنّه أراد بها سوءاً، وكادت لنسوة مدينتها بعد انتشار القيل والقال بينهنّ عن شغفها الجامح به، فاعتدت لهنّ مُتّكأً وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّيناً ليُقطّعْنَ أيديهنّ حال رؤيته من فرط جماله، وكادت له بأن سجنته بضع سنين بعد رفضه لإغوائها، إلى آخر القصّة التي وردت في القرآن الكريم وهي من أحسن القصص التي تُحْكى للنّاس، وتُثْبِتُ كيد النساء الذي قد تزول منه الجبال!.

أمّا الآن فأتذكّر شخصية زُليخة في المسلسل التركي الشهير «كان زمان في شوكوروفا»، الذي ما زال يُعرض ولم تنتهِ حلقاته، وقصّة هذه الزُليخة الثانية وإن كانت خيالية لكنّها عكس قصّة زُليخة الأولى بزاوية ١٨٠ درجة، فهي مكِيدة دائماً من قبل الآخرين وليست كائدة، حتّى صارت أيقونة للتعاسة، ابتداء من أخيها الديوث المُقامِر الذي سلّمها بالحيلة لشخص سيىء الأخلاق مقابل تسوية دَيْنِه، فأنقذها خطيبها في آخر لحظة وقتل الشخص دفاعاً عن شرفه، مروراً بفرارها وخطيبها لمدينة أخرى ومكايدة امرأة ثرية لها، حيث وشت بخطيبها وأودعته السجن، وأجبرتها على الزواج من ابنها العقيم بعد أن عرفت أنّها في بداية حملها، فقط كي تلد وارثاً لابنها ولو غير شرعي، وكلّما حاولت الهرب يعاقبانها إمّا بحرمانها من طفلها بعد ولادته، أو بالزعم أنّها مجنونة وإدخالها لمستشفى المجانين، أو حبسها، وهكذا تُعاني المسكينة طيلة المسلسل من مكائد لا تنتهي!.

أعتقد أنّ «زُليْخة» اسم مقترن بالمصائب الاجتماعية، بالكيد والمكيد، بالمرأة الماكرة أو المرأة الساذجة، مع اعتذاري الشديد لكلّ زُليخة في أيّ زمان ومكان!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store