للعام التالي على التوالي تسجل المملكة نجاحها الباهر في العبور بالحج إلى بر الأمان، برغم الظروف المعقدة المحيطة بها وبالعالم أجمع جراء جائحة كورونا.. فبهذا النجاح المُسطّر بمداد التعب والجهد الدؤوب من لدن قيادتنا الرشيدة، والجهات ذات الاختصاص جميعًا، تضرب المملكة المثل الأروع، وتقدم الشاهد والدليل الحي على إمكاناتها المادية، وكادرها البشري القادر –بإذن الله– على التعامل مع الظروف الاستثنائية بمسؤولية عالية، وتقدير محسوب، ومعالجات علمية وعملية باهرة، فأي دولة في ظل هذه الظروف التي فرضتها الجائحة تستطيع أن تتحكّم في أكثر من 60 ألف شخص، في حيز مكاني واحد، دون أن تسجل أي حالة إصابة بفيروس كوفيد – 19؟ بل ولا أي إصابة بأي مرض مؤثر على الصحة العامة، بما يكشف عن حجم الجهد الذي بذل، والإجراءات الوقائية والاحترازية التي سبقت موسم الحج، وجرى التقيُّد بها واتباعها بشكل منضبط ومنسجم، دون تفريط أو إخلال بالمنظومة الإجرائية التي حددتها كافة الجهات ذات الاختصاص بموسم الحج، بما يملأ جوانحنا بمشاعر الفخر والاعتزاز والافتخار بالانتماء لهذا الوطن المعطاء، والولاء زهوًا بقيادته الرشيدة.. ولنا في كلمة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ورعاه، الغنى والكفاية في هذا الخصوص؛ حيث قال، رعاه الله: «لقد كرم الله الإنسان واستخلفه في عمارة الأرض، وجعل من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس الإنسانية، ونظرًا إلى ما يمُر به عالمنا اليوم من تفشي الجائحة وتحورها المستمر، وحرصًا منا على سلامة حجاج بيت الله الحرام، وعلى الإسهام في محاصرة هذا الوباء، ومنع انتشاره، فقد اتخذت المملكة مجموعة من الإجراءات التنظيمية والوقائية في موسم حج هذا العام، وفق ما تقتضيه الضوابط والمعايير الصحية العالمية، وطبقت الجهات المعنية بخدمة حجاج بيت الله الحرام نظام الحج الرقمي الذي يهدف إلى التركيز على التقنية والتقليل من الكوادر البشرية في إدارة الحشود وتنظيم الحج؛ لضمان سلامة ضيوف الرحمن وصحتهم، وسلامة أبنائنا وبناتنا العاملين في خدمة الحجاج»..
إن هذه الكلمات النيِّرات تؤكد أن النجاح الذي تحقق لم يكن وليد صدفة؛ بل كان نتاج عمل مدروس، وإستراتيجية مخطط لها، نفذتها جهات الاختصاص بكل الاحترافية، ولهذا فهم جديرون بالتقدير والاحترام والشكر، على ما رأيناه ولمسناه من نجاح مضطرد في موسم الحج هذا العام وفي الأعوام التي سبقته، ولا شك سيكون ذات النجاح حليفنا في المواسم المقبلة –بإذن الله– طالما كان هذا صنيع قيادتنا ودأبها.