.. أعتقد لو حاول صناع أفلام هوليود ألف مرة تركيب مشاهد مفجعة وصادمة لَمَا استطاعوا الحصول على مشهد مرعب مثل ذاك الذي حدث في مطار كابل، حين تسابق الأفغان مع الطائرة الأمريكية وتعلقوا بها ساعة إقلاعها من مدرج المطار.
مشهد يفوق حتى تلك التي نشاهدها أثناء الحربين العالميتين...!!
*****
.. مشهد مروع تقشعر له الأبدان، ولا تسأل عن الرشد:
كيف الناس في ذلك الطوفان يهربون من الجحيم الى الجحيم؟
من طالبان إلى الموت دهساً، أو من علو سحيق؟ فالأفغان وحدهم يعرفون الإجابة، ويدركون حقيقة الجحيم الذي ينتظرهم داخل بلدهم..!!
*****
.. وفي مشهد قد لا يقل ذهولاً لتلك الأم الأفغانية التي تلقي بوليدها الى أيدي الجنود الأمريكيين الواقفين فوق أسوار المطار وكأنها تستودعهم فلذة كبدها، فعساه أن يعيش بسلام بعيداً عن هذا الجحيم، وعساه ذات يوم يعود فيروي للأجيال مأساة شعب واحتراق وطن، وكيف يتم سحق الشعوب في رحى المخططات؟.
وكيف تطيح الصفقات برؤوس وشعوب ودول...؟!!.
*****
.. ما حدث أشبه بلغز محير، لكن أن يتم انهيار جيش قوامه أكثر من ثلاثمائة ألف، وترسانة أسلحة ضخمة ودولة بهياكلها بلمح البصر من جماعة مقاتلين ومن غير أي مقاومة، ثم توفير ممر آمن لجلاء الأمريكان دون أن تُطلق رصاصة واحدة على أي جندي أمريكي وهم الذين أسقطوهم وقتلوهم وشردوهم قبل عشرين عاماً، هذا يدل على أن وراء الأكمة ما وراءها.
هل هناك صفقة (ما) بعد توقيع الرئيس ترامب اتفاقية مع طالبان في قطر عام 2020..؟!!
*****
.. في عام 2001 وبعد أحداث 11 سبتمبر دخلت القوات الأمريكية أفغانستان وأعلنت أنها ستهوي بجبال تورا بورا على رؤوس طالبان.
قال الرئيس بوش الابن سننتصر لا محالة، ثم بشَّر بعد ذلك بزوال طالبان.
وبعد عشرين عاماً تنسحب أمريكا بعد أن خسرت 2300 من رجالها وأهدرت أكثر من 978 مليار دولار، وتُسلم أفغانستان لطالبان - بيدها لا بيد عمر-.
ولا أحد يستغرب، فقبل أمريكا الاتحاد السوفيتي انسحب بعد احتلال ثماني سنوات وخسارة 15 ألف جندي غير العتاد والمال. هذا يعني أن الدخول في حرب طويلة وفي أرض بعيدة وذات تضاريس صعبة ومعقدة وعرقيات مختلفة يجعل الانتصار صعباً...!!
*****
.. يقول وزير أمريكي سابق: «تاريخ أفغانستان لم نفهمه على الإطلاق، حيث إن أفغانستان لم تُحكم من قبل بتاتاً من خلال حكومة مركزية، البريطانيون توصلوا لذلك والسوفيتيون وحتى الكسندر العظيم».
بل يبدو أن الرئيس الأفغاني أشرف غني نفسه لم يفهم طبيعة دولته: «هذه ليست فيتنام، هذه ليست حكومة في طور الانهيار»، ثم حزم حقائبه بعد ذلك وهرب..!!
*****
.. والباحث في الشأن الأفغاني يجد أن أفغانستان تحديداً منذ عام 1747 مع أحمد شاه الدراني، والى فترة الستينيات والى اليوم وهي لم تستقر على حكومة واحدة، من انقلاب الى آخر ومن إعدام الى اغتيال الى احتلال.
وكما وصفها أحدهم «بأرض الكنوز والنار» في إشارة الى اضطراباتها الدائمة والى أنها تحوي معادن بقيمة تريليون دولار....!!
*****
.. عموماً.. الرئيس بايدن يتباهى بأكبر عملية إخلاء في التاريخ للقفز فوق فشل الـ20 عاماً. والغرب يتقلب في مواقفه (ما قبل وبعد).
وطالبان من داخل أيدلوجيا العنف تحاول أن تصنع صورة وديعة.
فدعونا ننتظر مكاشفات الغد...!!.