كان لصوت الهاتف رنين ذو هيبة بسبب ندرته، حيث إن من يعرف الرقم أناس معدودون من الأقرباء والأصدقاء وزملاء العمل.. والمؤكد أن هناك آدابًا غير مكتوبة مثل عدم الاتصال ليلاً حتى الصباح وفي وقت الظهيرة، ويقوم البعض بفصل سلك الهاتف عند عدم رغبتهم في تلقي اتصال، يتحول صوت الهاتف إلى موسيقى تصويرية لفيلم رعب إن اتصل أحدهم بعد منتصف الليل مثلاً حيث إن هذه الاتصالات قد تعني تلقي نبأ غير سار.. ومن الأمور المعتادة أن يقوم أحدهم بالاتصال بك عن طريق الخطأ فيعتذر: «المعذرة النمرة غلط».. فتقوم بعض ربات البيوت بغلق السماعة بطريقة عنيفة دلالة على التضجر وعدم إعطاء ذلك الشخص فرصة لفهم خاطئ، حيث إن البعض يقوم بذلك عن قصد بغرض ما يطلق عليه معاكسة قد تفضي إلى تعارف وقد تؤدي للمتاعب.. أتذكر وقتها عدم وجود طريقة لمعرفة المتصل في هواتف المنازل قبل تركيب خاصية معرفة المتصل Caller id وقد يتصل أحدهم وهو يريد سماع صوت رقيق تعوّد عليه وإذا بصوت رجولي خشن يقوم بالرد فيغلق المعاكس الهاتف بسرعة قبل أن يسمع عبارات مثل: «رد يا جبان»!
وللأديب الأستاذ عبدالرحمن المعمر عنوان لافت في المكتبة السعودية: «البرق والبريد والهاتف وصلتها بالحب والأشواق والعواطف».. بدأه بهذا الإهداء: «إلى القلوب التي تخفق عندما يقترب ساعي البريد ويزداد خفقانها بسماع صوت الحبيب.. إلى الأيدي التي ترتجف رعدة وشوقاً وهي تفض ختم الكتاب وتتلو آيات العتاب.. إلى كل ساهر وساهرة إلى حاضني الهواتف في ظلمات الليل التي تشقها سيوف البرق.. أدفع بهذه الكلمات وأقدم هذه الخطرات».
وأذكر أن أحد الأصدقاء روى لي أنهم كانوا يملكون محل «كبائن اتصالات» (ظهرت ربما بعد العام ٢٠٠٠ في المملكة) في مكة بحي القشلة كان معظم زبائنه من المحبين الذين يفدون ليلاً حتى ساعات متأخرة من الليل، وكانوا يعدون لهم كرسياً للجلوس ومنفضة سجائر وأحيانًا كوبًا من الشاي!
لم تكن خاصية تلقي الاتصال الجماعي (التنبيه وقت المكالمة) متوفرة في ذاك الوقت على ما أذكر، فكان الكبار يوصون بعدم التطويل في المكالمة خشية ورود اتصال هام من جهة العمل أو ورود أمر طارئ، وقد تحدث مشكلة لو أن أحدًا كان خارج المنزل وحاول الاتصال به من دكان مثلاً للسؤال عن أمر هام فوجده مشغولًا لوقت طويل.. والشيء بالشيء يذكر، كان من المتعارف عليه بأن الشخص يستطيع طلب الاتصال من دكان أو بقالة أو غيرها.. ولا أذكر أنه كان يطلب مقابل مادي أمام ذلك، على أن البعض قد يعتذر إن لم تقم بشراء شيء منه ويتحجج بأنه مقطوع الحرارة (الكلمة المستخدمة)!
وغالبًا ما يقوم بإخفائه في مكان غير ظاهر، وقد يسأل بعضهم عن نوع المكالمة: داخلية، محلية، وطبعًا هناك الدولية.
وقد يراقبك الشخص للتحقق من عدم طلبك للصفر المحلي، والحقيقة أن ما يسمى بالهاتف العمومي كان متوفرًا منذ طفولتي في معظم النواصي والشوارع العامة لكن استخدامه ظل مقتصرًا على من يحمل العملات المعدنية وقد يكون عرضة للعطل وعبث البعض.
في الماضي كانت أسعار الاتصال الدولي باهظة جداً، على سبيل المثال كانت تكلفة الدقيقة للاتصال بالولايات المتحدة الأمريكية ١١ ريالاً وهو مبلغ باهظ عند احتساب أسعار التضخم.. وفي القاهرة أذكر أننا ذهبنا مع والدتي مطلع التسعينيات إلى مقسم الهاتف بوسط البلد بشارع قصر النيل لنتصل بوالدي حيث إن سعر الدقيقة في الفنادق باهظ جدًا.
وللأديب الأستاذ عبدالرحمن المعمر عنوان لافت في المكتبة السعودية: «البرق والبريد والهاتف وصلتها بالحب والأشواق والعواطف».. بدأه بهذا الإهداء: «إلى القلوب التي تخفق عندما يقترب ساعي البريد ويزداد خفقانها بسماع صوت الحبيب.. إلى الأيدي التي ترتجف رعدة وشوقاً وهي تفض ختم الكتاب وتتلو آيات العتاب.. إلى كل ساهر وساهرة إلى حاضني الهواتف في ظلمات الليل التي تشقها سيوف البرق.. أدفع بهذه الكلمات وأقدم هذه الخطرات».
وأذكر أن أحد الأصدقاء روى لي أنهم كانوا يملكون محل «كبائن اتصالات» (ظهرت ربما بعد العام ٢٠٠٠ في المملكة) في مكة بحي القشلة كان معظم زبائنه من المحبين الذين يفدون ليلاً حتى ساعات متأخرة من الليل، وكانوا يعدون لهم كرسياً للجلوس ومنفضة سجائر وأحيانًا كوبًا من الشاي!
لم تكن خاصية تلقي الاتصال الجماعي (التنبيه وقت المكالمة) متوفرة في ذاك الوقت على ما أذكر، فكان الكبار يوصون بعدم التطويل في المكالمة خشية ورود اتصال هام من جهة العمل أو ورود أمر طارئ، وقد تحدث مشكلة لو أن أحدًا كان خارج المنزل وحاول الاتصال به من دكان مثلاً للسؤال عن أمر هام فوجده مشغولًا لوقت طويل.. والشيء بالشيء يذكر، كان من المتعارف عليه بأن الشخص يستطيع طلب الاتصال من دكان أو بقالة أو غيرها.. ولا أذكر أنه كان يطلب مقابل مادي أمام ذلك، على أن البعض قد يعتذر إن لم تقم بشراء شيء منه ويتحجج بأنه مقطوع الحرارة (الكلمة المستخدمة)!
وغالبًا ما يقوم بإخفائه في مكان غير ظاهر، وقد يسأل بعضهم عن نوع المكالمة: داخلية، محلية، وطبعًا هناك الدولية.
وقد يراقبك الشخص للتحقق من عدم طلبك للصفر المحلي، والحقيقة أن ما يسمى بالهاتف العمومي كان متوفرًا منذ طفولتي في معظم النواصي والشوارع العامة لكن استخدامه ظل مقتصرًا على من يحمل العملات المعدنية وقد يكون عرضة للعطل وعبث البعض.
في الماضي كانت أسعار الاتصال الدولي باهظة جداً، على سبيل المثال كانت تكلفة الدقيقة للاتصال بالولايات المتحدة الأمريكية ١١ ريالاً وهو مبلغ باهظ عند احتساب أسعار التضخم.. وفي القاهرة أذكر أننا ذهبنا مع والدتي مطلع التسعينيات إلى مقسم الهاتف بوسط البلد بشارع قصر النيل لنتصل بوالدي حيث إن سعر الدقيقة في الفنادق باهظ جدًا.