Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

تحية للأطباء الشرفاء.. ولكن (2-2)

شذرات

A A
يكتسب الطبيب أهميته بقدر جهده واجتهاده في خدمة وطنه بشكل عام ومرضاه بشكل خاص. وهناك نماذج نعرفها جميعاً تفانت في خدمة مرضاها، فالعديد من الأطباء يصادقون مرضاهم ويتفهمون معاناتهم ويعينونهم على الأخذ بالنصيحة الصادقة، ويتفقدون أحوالهم الصحية عبر وسائل التواصل المختلفة، ويحرصون على الإجابة على استفساراتهم، ويعاملون مرضاهم بما يُرضي الله سبحانه قبل كل شيء وكما يحبون أن يُعامَلوا. فإذا كان ما أثير في مقال الأسبوع المنصرم والتعقيبات التي وردت في بعض وسائل التواصل كانت تُظهر بعض الشيء انعدام الثقة بين المريض والطبيب، فإنه يحدونا الأمل في أطبائنا الأفاضل أن يجعلوا مسألة الأجر المادي آخر اهتماماتهم بعدما ظهر من بعض القلة ما يؤكد خلاف ذلك.

لا بد في هذا المقام أن لا ننسى بعض الأطباء النبلاء الذين يسهمون في تخفيف معاناة المريض، بل أن بعضهم لا يكتفي بعدم تقاضي رسم الكشفية بل يبعث بالمريض إلى صيدلية محددة يتعامل معها ويتحمل تكاليف الدواء مع الأخذ بكل أسباب الحفاظ على كرامة المريض.. فهنيئاً لهذه الكوكبة من الأطباء ممن يسبغون على المريض لمساتهم الإنسانية، وهي ليست مستغربة على العديد منهم، حفظهم الله ورعاهم وأجزل لهم الثواب.

وفي هذا المقام لا يمكن أن نغفل الدور الطليعي الكبير الذي قام به النخبة المتميزة من الكوادر الطبية في بلادنا في مواجهة الوباء كوفيد 19 الذي اجتاح بلادنا ضمن بلدان العالم، وكيف سجلت الكوادر الطبية مواقف إنسانية رائعة كانت نموذجاً مشرِّفاً يُحتذى به، وما زالوا قائمين بهذا الدور بكل كفاءة واقتدار. في أواخر التسعينيات الهجرية حضر الملك خالد يرحمه الله حفل تخريج أول دفعة من كلية الطب بجامعة الملك سعود، وخاطب الخريجين قائلاً: اتقوا الله في الفقراء والمساكين، فما من حسنة إلا يجازي الله عليها بالحسنى. كما ذكَّرهم بضرورة إعطاء الوقت الكافي لكل مريض والاهتمام بالتوعية الصحية له.

لعل من أهم مهام الطبيب هو التحلي بالإنسانية العالية في مهنته، وأن يتذكر دوماً أن المريض أمانة في عنقه وهو أمين على حياته لدرء الخطر عنه، والعمل بكل طاقة جسدية وفكرية لإبعاد آلام المرضى والكفاح المضني لإدخال أغلى ابتسامة في حياة الإنسان، ألا وهي ابتسامة الفرحة باندحار المرض والقضاء عليه بعد إرادة الله وتوفيقه، خاصة وأن الطبيب في عنقه قسَمٌ عظيمٌ يعكس الأخلاقيات الرفيعة لمهنة الطب، من خلال تعهُّد الطبيب بأن يكون مخلصاً يراقب الله في ممارسة مهنته، مسخّراً علمه لصون حياة الناس، محافظاً على أعراضهم، ساتراً عوراتهم، كاتماً أسرارهم.. وذلكم نهج عالمي يلتزم به الأطباء منذ قَسَم أبوقراط رائد أطباء عصره، الذي كان وثيقة أسست لأخلاقيات الممارسة الطبية.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store