في البيان الختامي لمؤتمر بغداد لتعزيز التعاون والشراكة، أقر المشاركون بأن المنطقة تواجه تحديات خطيرة تقتضي التعامل معها على أساس الأمن المشترك والمصالح المتبادلة، بينما أعلنت العراق على لسان رئيس الوزراء (الكاظمي) عن رفضها استخدام أراضيها ساحة للصراعات الإقليمية والدولية، أو أن يكون منطلقًا للاعتداء على جيرانه من أي جهة كانت، ولعل الهدف الذي كانت تسعى إليه العراق وكذلك الدول المشاركة والمحبة للعراق قد تحقق، كدعم العراق في مساعي تعزيز الاستقرار ومحاربة الإرهاب، والمهم في هذا كله، هل ستستجيب إيران لقرار عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية؟!.
وزير خارجية إيران (عبد اللهيان) طالب في خطابه الذي ألقاه في المؤتمر بانسحاب القوات الأجنبية عن العراق وتحقيق سياسة حسن الجوار، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، متناسيًا بأن بلاده هي السبب الرئيس فيما يحدث في الداخل العراقي نتيجة تدخلاتها، وهناك مؤشرات كثيرة تثبت ذلك، صحيفة (كيهان) التابعة للمرشد الأعلى (خامنئي) هاجمت المرجع الشيعي العراقي (علي السيستاني) لطلبه إشراف الأمم المتحدة على الانتخابات المقبلة في العراق، واعتبرت طلب (السيستاني) (دون شأنه ومنزلته)، ومعروف أن السيستاني يرفض الهيمنة الإيرانية، ويؤيد الإصلاحات التي يقوم بها (الكاظمي).. ووكالة (مهر) هاجمت رئيس الوزراء العراقي ووصفت تحركاته ضد المليشيات المدعومة إيرانيًا والتغيرات التي أجراها في الحكومة بالتخريبية لأن (الكاظمي) عيّن (عبدالغني الأسدي) رئيسًا لجهاز الأمن الوطني العراقي، واستبدل (فالح الفياض) مستشار الأمن القومي بـ(قاسم الأعرج)، ولأن التغييرات الأمنية والسياسية في العراق تلعب دورًا كبيرًا في تقليص نفوذ (طهران) في بغداد، وإنهاء سيطرة المليشيات التابعة لطهران على المشهد السياسي العراقي، ألا يعتبر هذا تدخلا في شؤون العراق؟!
وإذا كان (عبد اللهيان) نسي، أو تناسى التدخلات فسوف نذكره بالوثائق التي تم تسريبها ونشرتها صحيفة (نيويورك تايمز) من أرشيف الاستخبارات الإيرانية التي كشفت عن النفوذ الإيراني المتزايد في العراق، وأفصحت عن أن معظم المسؤولين العراقيين مجرد متلقين للأوامر من إيران، وأشارت إلى الدور الكبير الذي لعبه (قاسم سليماني) الذي عمل على إنشاء شبكة واسعة من العملاء تغلغلوا في كافة مؤسسات الدولة العراقية، الأمر الذي عزز بشدة من النفوذ الإيراني داخل العراق، بل وما يثبت التدخل هو التصريح الأخير للمتحدث بلسان وزارة الخارجية الإيراني (سعيد خطيب زاده) الذي قال معلقًا على زيارة الرئيس الفرنسي لمدينة (الموصل) بأن التضحيات التي قدمتها إيران والمقاومة هي من مكنت الرئيس (ماكرون) من التجول في مدينة الموصل العراقية.
ما يدعو للاستغراب ما كتبه أحد المحللين السياسيين في صحيفة (كيهان) حول مشاركة إيران في مؤتمر بغداد، واصفًا بأن إيران أثبتت حضورها بقوة، وأنها نجم قمة بغداد، وأن وجودها تغلب على وجود الآخرين!
قد يكون ذلك، لأن (اللهيان) أثار استغراب المسؤولين العراقيين حينما ذكر بأن حجم التبادل التجاري بين بلاده وبين العراق بلغ (300) مليار دولار، وصحح رئيس الوزراء العراقي ذلك موضحًا بأن الحجم التجاري (13) مليارا وليس (300) مليار، وأثار استغراب الجميع حينما خرق (البروتوكول) بوقوفه في الصف الأول المحدد لرؤساء الدول.. العراق ليس في حاجة إلا لكف يد إيران عن التدخل في شؤونه ليعيش في أمن وسلام.
مطلب (عبداللهيان) في مؤتمر بغداد.. كاد المريب أن يقول خذوني!
تاريخ النشر: 03 سبتمبر 2021 00:43 KSA
A A