شخص خطر.. غريب الأطوار.. أم فنان مبدع..؟
الهوية الفردية هي مرآة خاصة مناسبة لشخص واحد.. والنزعة الذاتية للتميز عند الطفل تخلق بمجرد أن يعي الإنسان أن له اسم خاص.. الشخصية الذكية تطمح دومًا أن تكون متفردة.
في أثناء العمر تبنى الشخصية عبر التطور.. يبدأ الطفل باندفاعيته لإثبات وجوده بالاعتماد على نفسه.. وفي مرحلة المراهقة تستمر حماسته فيشرع بتكوين صداقاته وعلاقاته الاجتماعية.. وفي مرحلة البلوغ يتوجه لاختيار أهدافه الخاصة مماهيًا شغفه الأصيل متبنيًا مفاهيمه ومعارفه وتجاربه في انزياح عن الأعراف في المظلة الاجتماعية.
وفي المقابل نحن ننعم بالأمان من الوجود مع المجموعة وقبولها لنا.. فلا يهمنا إذا كان السقف منخفضًا أم لا.. نكبر بشكل متباين في دواخلنا ونخاف أن ننعت بأننا (مختلفون).. تتراكم التمايزات والتصدعات عن خوارجنا.. ويظل توأمنا الآخر.. وتفردنا الداخلي غريب الأطوار أسيرًا يحاول الخروج.
نولد كصفحة بيضاء فيها من الإمكانات الذهنية ما لا نعرف.. وتبدأ الأنظمة الاجتماعية الأسرة والمدرسة في رسم خرائط عقولنا.. وتشيد المناهج التعليمية طباقًا طباقًا.. وتترسخ المفاهيم الثقافية السائدة شيئاً فشيئًا.. فإذا توافقت الهوية الفردية مع الهوية المجتمعية فلا خلاف.. أما إذا اختلف منسوب الطاقة الاستيعابية الذاتية عن منسوب الطاقة الاجتماعية المدجنة.. فستتولد شرارة التمرد وفي رواية أخرى شعْلة الإبداع.. وهنا تكون اللحظة الحاسمة بيد المجتمع.. فهل يزكيها أم يطفئها.. الإجابة تبنى على مدى قابلية البيئة المحيطة لتقبل الابتكار.. ومن نافل القول أن احتواء الطفل أو المراهق المبدع ليس من خصائص الغالبية.. فهو يتطلب الكثير من الانفتاح المعرفي والمهارات الذهنية والرؤية المستقبلية.. وإلا فيكون النعت الإقصائي جاهزًا لكل مختلف بغض النظر إن كان موهوبًا أو مبدعًا.. هذا شخص غريب الأطوار!
تساؤلات.. هل فضاءاتنا متميزة بتوليد الأفكار.. أم هي مختصة بوأدها قبل أوانها؟
إذا كانت نهضة الحضارة هي حصيلة الأجنة العقلية المتوهجة.. وإذا كانت العقول متوفرة فلماذا توجد الهوة الفجوة المعرفية مع العالم.. أو ليست صفحات تاريخنا ولادة..؟ ففيم إذن.
العبقرية والإبداع هما وجهان لعملة واحدة (الغرابة).. مصفوفة فريدة لا تشبه ذويها..
ويسأل المبتكرعن نتاجه يومًا.. فهل تركنا له في مسارات سماء الإبداع نجمًا؟
السؤال الكبير: هل نفتح بوابات المدائن المعرفية للشموس الإبداعية المنتظرة.. محمية الابداع؟!