بدأتها منذ سنوات طويلة قنوات راديو وتلفزيون العرب «ART»، إذ كانت الناقل الحصري لمباريات منتخبنا لكرة القدم، وشفّرتها تشفيرًا، وحرمت ملايين السعوديين من مشاهدتها مباشرةً، خصوصاً الذين لا يملكون المال الفائض عن حاجاتهم الأساسية لشراء المشاهدة، فكانوا إمّا يتجمّعون عند الجار أو القريب المقتدر مالياً ليشاهدوا المباريات عنده مع شاي وقهوة الضيافة، أو في مقهى عام مع دفع ١٠ ريالات مقابل الشخص الواحد فضلاً عن تكلفة الأكل والشُرْب!.
وكانت ART تُكرّر عبارتها الشهيرة: «ادفع إن كُنْت تحبّ منتخب وطنك» وهي عبارة حقّ أُرِيد بها تجارة وربح فاحش، فمن طُلِبَ منهم الدفع يحبّون منتخب وطنهم ومستعدّون للدفع له أو للوطن، وليس للتُجّار الذين يريدون أن يصبحوا مليارديرات على حساب المنتخب!.
ولمّا بيعت ART لقنوات bein sports استمرّ الحال على هذا المنوال وتخلّلته تجاذبات شديدة، والفرق الوحيد بينهما هو أنّ من شفّر مباريات المنتخب السعودي ليس سعودياً هذه المرّة بل خليجياً وتحديداً من دولة قطر!.
والآن يجري نفس الشيء مع تغيّر الماركات التجارية، وطلعت لنا شركة جديدة هي شركة الرياضة السعودية بنفس الغاية ونفس الوسيلة، ولا اعتراض لديّ على كلّ القنوات فهي تاجر قد وجد فرصة للتجارة، لكنّى أذكّر وزارة الرياضة التي بيدها الحلّ، كما ذكّرْتُ قبلها هيئة الرياضة وكما ذكّرْتُ قبلها الرئاسة العامّة لرعاية الشباب، أنّ مباريات المنتخب الوطني لكرة القدم هي ليست مثل مباريات دوريات الأندية محلياً أو عالمياً، وهي مناسبة تأتي في السنة حسنة، وهي مناسبة تُعتبر الترفيه الحقيقي للمواطن السعودي ذي الدخل المحدود، الذي أثقلته هموم الحياة وتكاليف المعيشة المرتفعة، ويستحقّ مشاهدة وتشجيع منتخبه دون أن يدفع تكاليف مالية أخرى، وأصلاً من قال أنّه لا يدفع مقابل المشاهدة؟ ألا يبقى في بيته أكثر ممّا يبقى في العادة ولو بساعات بسبب المشاهدة؟ فيدفع أكثر مقابل تكاليف الكهرباء؟ والمياه؟ والهواتف؟ والإنترنت؟ المرتفعة كذلك؟ ويُنشّط الاقتصاد بطلب الطعام من الخارج والتسالي له ولأسرته؟ وهو لا يقلّ قيمة عن مواطني دول أخرى كثيرة مجاورة، أو غير أقلّ إمكانيات، وتحرص على شراء حقوق نقل مباريات منتخباتها من الاتحادات القارية وبثّها لمواطنيها بالمجّان عبر تطبيقات الكترونية، فرفقاً بمحبّي ومشجّعي المنتخب يا وزارة الرياضة، وليت ماركة المنتخب تصبح سلعة غير قابلة للمتاجرة والمزايدة!.